الخميس، 22 أكتوبر 2009

الجلسه الاخويه الثانيه


كانت هذه الجلسه بضيافه الاخت العزبزه مرام زاهد
ذكرت انه لابد من اخلاص العمل لله تعالى وسؤال الله تعالى التيسير والاعانه وكذا سؤاله ان يسخر لنا عباده وذكرت قصص وتجارب من حياتها ، فكان لها اثر على نفسي وكذا غيري من الاخوات
اسأل الله لي ولها ولجميع الاخوات التوفيق والسداد

الجلسه الاخويه الثانيه

منتدى المتّكأ يجمعنا


http://www.motk2.com/forum/

جاءتنا دعوة مفعمة بالحب والطيبة من طالبات المستوى الثالث

في قسم الثقافة الإسلامية

بفتح منتداهم لنا وتخصيص قسم داخل المنتدى بنا

المنتدى يشترط التسجيل بالإسم الثنائي الصريح

وهو مغلق إلا لمن تفعّل معرّفه عن طريق الإدارة ..

* سأقوم بإرسال قائمة بأسماء طالبات القاعة للإدارة ومن تقوم بالتسجيل بإسمها الثنائي

سيرجعون لهذه القائمة ليتأكدون من كونها طالبة معنا

ثم يسمحون لمعرّفها بتصفح المنتدى ..

المنتدى رائع جداً ، وسيكون مكان اللقاء الأكثر تواصلا من هنا ..

مدوّنتكم ستظل تستستقبل أوراق العمل والبحوث والموضوعات

التي تخص قسم الثقافة الإسلامية لنشرها هنا ..

ودمنا بحب وتعاون

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

مناهج بحث ل.د يوسف الزايدي


اخواتي اردت ان ابين ان الواجب في مناهج البحث فيه شي من الغموض والذي اريد توضيحه ان الدكتور كلف فيه مجموعه من الطالبات منهم زينه القحطاني وفاتن وكان نص كلام الدكتور بعد ان تكلم في المحاضره عن التصنيفات التي وضعها د. فريد الانصاري " قال: يلاحظ على د. فريد الانصاري ملاحظات قد لا نسلم له بذلك ، حيث اراد التعليق على قوله " ان الكتاب رغم ريدته وسيادته الاانه سقط في تعميمات واحكام مطلقه غير مبنيه على الاستقراء التام وتنسيقه لنصوص الفقهاء والمحدثين والفلاسفه للخلوص الى نتائج معينه وإرجاع بعض القضايا المعروفه لدى العلماء الى قضايا علمانية " وذلك بالرجوع الى قول فرانتز روز نيتال ترجمة انيس فريجه طبعا المراد بالكتاب هو كتاب مناهج البحث عند علماء المسلمين

الأحد، 18 أكتوبر 2009

تاريخ التشريع المجموعه الاولى


” مقدمه في تعريف تاريخ التشريع والفقه وخصائص الفقه والقانون الوضعي وأهميه التشريع في الإسلام ونبذه عن ادوار علم الفقه “
إشراف أ.د مساعد الفالح

إعداد المجموعة الأولى: عبير محمد عاتي – مشاعل القحطاني – نوره العويشز – منال العمرو- ساره الشهيل – ألآء الجهيمان

اضغطي هنا لتحميل بحث المجموعة الأولى تاريخ تشريع

اذا لم يتم التحميل بلامكان الرجوع الى مدونه الثقافه الاسلاميه

الجمعة، 16 أكتوبر 2009

رحلتي الى مكتبه الامير سلمان


كانت رحله جدا رائعه مفعمه بالبحث والتحري ، كانت بصحبتي رفيقتي المصونه ساره الزامل التي اتحفتني ببعض ماعندها واتحفتحها ببعض ما عندي تبادلنا المشوره حول الثقافه الاسلاميه وما تحويها من مواضيع الا اننا توقفنا عند النظم لكن بعد ذلك حللنا الاشكالات .

الذي أريد إصاله لمطلعين على مدونتي المتواضعه من اخواتي في الثقافه وغيرها انه يمكن البحث والاطلاع على معظم مافي المكتبه فقط خذي ماتحتاجين اليه من اسماء الكتب من الانترنت في منزلك من خلال فهرس المكتبه ثم اذهبي الى المكتبه للبحث عن الكتب التي تريدنها حفاظا على الوقت وعدم بذل الجهد في الصعود والنزول .

الأربعاء، 14 أكتوبر 2009

نتائج تجمعنا اليوم عبير وفاح عطره على الجميع




كان هذا التجمع بدايه جيده لنا نحن طالبات المستوى الاول وذلك ان كل واحده منا ابدت رائيا واقتراحا سديدا يعم به النفع والفائده للجميع


وذلك كما ذكرت الاخت الفاضله ساره الزامل وجميع الاخوات وكل الشكر والتقدير لامنا الحنون فاتن التي بذلت ومازالت جهود مشكوره في توزيع الطالبات والتنسيق فيما بينهم .


اسأل المولى لي ولكن التوفيق والسداد

الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009

بدايه تجمع بنات الثقافه مستوى أول


رسالة واردة :غدا الأربعاء 25/10/1430هـالجلسة الأخوية الأولى للمستوى الأول ثقافة إسلاميةوتم ارسال ايميل قروب الماسنجر لجوالات الطالبات ..

مفهوم الثقافه في العلوم الاجتماعيه عمل المجموعه الاولى


هذا الكتاب مترجم ,ترجمه الدكتور منير السعيداني , وكذلك ترجمه مقداد حدادي الفصل الأول: المملكة العربية السعودية
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كلية الشريعة – الثقافة الإسلامية
ماجستير المستوى الأول




دراسة الفصل الأول
مفهوم الثقافة
في العلوم الاجتماعية

دوني كوش

دكتور المادة : عبد الله بن حمد العويسي


ورقة عمل :
حنان الحمداء
سارة الزامل
ريم الحسن
بدرية الشمري
أروى الفقيه
الأصل الاجتماعي لكلمة ثقافة وفكرتها
شرع المؤلف في بيان معنى (مفهوم الثقافة) واستعماله في العلوم الاجتماعية
ولهذا السبب:
ركز على تكون المفهوم كما هو مستعمل في العلوم الاجتماعية

لذلك إذا أردنا فهم المعنى الحالي لمفهوم الثقافة واستعماله
في العلوم الاجتماعية من الضروري أن نعود إلى أصله الاجتماعي
والى تسلسل نسبه ..أي نريد النظر في كيفية تشكل الكلمة
في المفهوم العلمي المرتبط بها وبالتالي البحث عن أصله وتطوره الدلالي.


من مسيرة كلمة ثقافة لا نحتفظ إلا بما يوضح تكون المفهوم كما هو مستعمل في العلوم الاجتماعية.. والسبب في ذلك يعود..
لنشأة الدراسات الثقافية في حجر علماء الاجتماع.

مراحل تطور كلمة ثقافة
أولا / تطور الكلمة في اللسان الفرنسي منذ القرون الوسطى إلى القرن التاسع عشر:
1) في أواخر القرن الثالث عشر.. ظهرت منحدره من كلمة لاتينية.. تعني العناية بالحقل والماشية .. إشارة إلى الأرض المحروثة.

2) بداية القرن السادس عشر: تطورت الكلمة عن الدلالة على حالة
الشيء المحروث لتدل على فعل وهو فلاحة الأرض.

3) منتصف القرن السادس عشر: تكون المعنى المجازي للكلمة
فأصبحت كلمة ثقافة تشير إلى تطوير كفاءة.. أي الاشتغال بإنمائها.

4) القرن الثامن عشر:
أ / بدأت كلمة ثقافة تفرض نفسها في معناها المجازي أي المعنى الدال على ثقافة فكر. (وتحول المعنى من تهذيب الأرض إلى تهذيب العقل)
ودخلت بمعناها هذا معجم الأكاديمية الفرنسية.. وأصبحت متنوعة
والسبب في كونها متنوعة؟
لأنها متبوعة بمضاف يدل على موضوع الفعل
فيقال: ثقافة الآداب.. ثقافة الفنون.. ثقافة العلوم وهكذا.
ب/ تحررت كلمة ثقافة تدريجياً من علاقتها بالمضاف لينتهي
بها الأمر لاستعمالها منفردة للدلالة على تكوين الفكر وتربيته



ظلت كلمة ثقافة في القرن الثامن عشر مستخدمة في صيغة المفرد وهو ما يعكس عالمية النزعة الإنسانية للفلاسفة
والسبب في ذلك:
لأن الثقافة شيء خاص بالإنسان دون أن يعني هذا أي تمييز بين الشعوب أوالطبقات.

يعتبر القرن الثامن عشر فترة تشكل المعنى الحديث لكلمة ثقافة
وقد برز هذا التشكل في اللغة الفرنسية منذ عصر الأنوار وأصبحت كلمة ثقافة من مفردات لغة ذلك العصر .


ترسخت كلمة ثقافة في إيديولوجية عصر الأنوار واقترنت بأفكار
التقدم والتطور والتربية والعقل التي كانت تحتل مكان الصدارة
في تلك الفترة.

س/ ما الأمر الذي ترتب على ترسخ كلمة ثقافة في إيديولوجية عصر الأنوار؟
ترتب عليه اقتراب كلمة ثقافة من كلمة أخرى حازت نجاحا كبيرا أكبر مما حازته كلمه ثقافة ضمن معجم القرن الثامن عشر وهي كلمة حضارة.

س/ مصطلح حضارة وثقافة هل هما مترادفين تماما؟
الكلمتان تنتميان إلى الحقل الدلالي نفسه وتعكسان المفاهيم
الأساسية نفسها إلا أنهما غير مترادفتين تماما
- كلمة ثقافة تستخدم أكثر في التقدم الفردي
- كلمة حضارة تستخدم في التقدم الجماعي

- كلمة حضارة مثلها مثل كلمة الثقافة مفهومها واحدي لا تستخدم إلا في صيغة المفرد
- تحررت كلمة حضارة عند الفلاسفة الإصلاحيين من دلالاتها
على تهذيب الأخلاق إلى دلالتها على العملية التي تخلص الإنسانية
من الجهل واللاعقلانية
- يمكن للحضارة أن تشمل كل الشعوب التي تكون البشرية منها.
إذاً، فاستخدام كلمتي" ثقافة" و "حضارة" في القرن الثامن عشر قد حدد ظهور فهم جديد لا

بسبب مفهوم الثقافة والحضارة في القرن الثامن عشر..
برز مصطلح (علم الإنسان) وقد استخدمه ديدرو للمرة الأولى
ثم ابتدع ألكساندر دو شافان مصطلح علم الإنسان باعتباره العلم الذي يدرس "تاريخ تقدم الشعوب نحو الحضارة".‏.

5) القرن التاسع عشر:
- تطور وتوسع فهم كلمة ثقافة:فقد اغتنت كلمة ثقافة ببعد جماعي ولم تعد تنسب إلى التطور الفكري للفرد فحسب بل تشير أيضا إلى مجموعة من الصفات الخاصة بجماعة بشرية معينة..
والسبب في هذا التطور للكلمة:
بسبب الافتتان الذي ساد بعض الأوساط المثقفة نوعا ما إزاء الفلسفة والآداب الألمانية التي كانت في عزّ تألقها




ثانيا/ تطور الكلمة في اللسان الألماني:
1) في القرن الثامن عشر
ظهرت كلمة ثقافة بالمعنى المجازي في اللسان الألماني وكأنها نقل حرفي للكلمة الفرنسية.
س/ ما العوامل إلي أثرت على نقل تلك الكلمة من الفرنسية إلى الألمانية؟
1/ استخدام اللغة الفرنسية الذي كان علامة مميزه للطبقات العليا ف ألمانيا آنذاك
2/ تأثير عصر الأنوار.

2) في النصف الثاني من القرن الثامن عشر
تطورت الكلمة تطورا سريعا وأصبحت أكثر تحديدا من نظيرتها الفرنسية وحازت على نجاح لم تحظى به من قبل

س/ ما سبب هذا النجاح؟؟
يرجع ذلك إلى تبني الطبقة البورجوازية المثقفة الألمانية
لمصطلح الحضارة واستخدامهم لها في معارضة
الطبقة الارستقراطية ..فقامت الطبقة البورجوازية بوضع
قيم سموها روحية قائمة على العلم والفن والفلسفة في مقابل قيم
المجالات الأرستقراطية

العلاقة بين الطبقتين (الارستقراطية و البورجوازية) :
كان الوضع بين الطبقتين في ألمانيا على العكس مما كان عليه في فرنسا
كان هناك تباعد اجتماعي بين الطبقتين وبينهما بغضاء
وكانت قصور الأمراء محكمة الإغلاق واستبعد البورجوازيون
بشكل كبير عنها وعن أي عمل سياسي..
وهذه المسافة الاجتماعية غذت شعورا بالمرارة لدى
عدد كبير من المثقفين ن هذه الطبقة.. وهذا ما دفعهم للانجاز...
ولكن منذ ذلك الوقت بدء الصعود التدريجية لهذه الشريحة
الاجتماعية الوسطى المثقفة وصار لها صوتها في القومية الألمانية

عللي:
عد البورجوازيون الألمان أن تلك الطبقة الاستقراطية مفتقرة إلى
الثقافة وان كانت تدعي التحضر؟؟
ذلك بسبب إهمالهم للفن والأدب وتكريس جل وقتهم لاحتفالات
البلاط مقلدين الأساليب المتحضرة للبلاط الفرنسي.







3) في القرن التاسع عشر
أ/ تحولت كلمة ثقافة من كونها علامة مميزه للبورجوازية الألمانية
المثقفة إلى علامة مميزة للأمة الألمانية بأكملها..
وأصبحت السمات المميزة للطبقة المثقفة التي كانت تستعرض
ثقافتها كالصدق والعمق والروحانية سمات نوعية ألمانية.‏
وقد كان ذلك تعبيرا عن وعي قومي يبحث عن السمات المميزة
للشعب الألماني في موازاة قوة الدول المجاورة كفرنسا وانجلترا
فكانوا يبحثون في ظل انقساماتهم السياسية عن إثبات وجودهم
بتمجيد ثقافتهم

ب/ ثم تطورت الفكرة الألمانية الخاصة بالثقافة وارتبطت
أكثر فأكثر بمفهوم الأمة وتبدوا الثقافة كمجموعة من الفتوحات الفنية
والفكرية والأخلاقية التي تشكل ميراث أمه











أدت المنافسة بين النزعتين القوميتين الفرنسية والألمانية والجدل الذي امتد منذ القرن الثامن عشر إلى العشرين إلى تفاقم الجدل الإيديولوجي بين مفهومين حول الثقافة
وتحولت الكلمتان إلى شعارين يتم استخدامهما كما تستخدم الأسلحة.

- المفهوم الألماني: يعتبر الثقافة مفهوما ذاتيا يسعى إلى تحديد الاختلافات القومية وتعزيزها.
- المفهوم الفرنسي: فهو يعبر عن أمة حققت وحدتها القومية منذ زمن بعيد.
(فكرة وحدة الجنس البشري)
وهذا ما يفسر الانحدار النسبي الذي أصاب فرنسا في بداية القرن العشرين.
يقول رينان:" إن من يرى نفسه في الأمة الفرنسية مهما كان أصلة فإنه ينتمي إليها:"
وبهذا يكون لدينا نموذجان لمفهوم الثقافة
.وهما في العمق شكلان لتحديد مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية.

الأحد، 11 أكتوبر 2009

عام دراسي حافل بالتفوق والنجاح



احببت ان انوه في مدونتي المتواضعه هذه على انه لابد من الجد والاجتهاد والعمل والمثابره والتعاون وكما ذكرت أحدى اخواتي في نفس القسم انه لابد من توزيع المهام بيننا حتى يكون كل منا منجز في عمله ودوره , احبتي لا ننسي اننا يحال الينا الجزء الاكبر من هذه المهمهحتى تبرز الثقافه الاسلاميه للمجتمع العربي والاسلامي بأبها حله .

وبالله التوفيق وعليه التكلان

الأبداع


أحببت ان اتكلم عن هذا الموضوع بسبب انني عندما قرأت في كتاب المثقف والمجتمع ورأيت ان المثقف لابد ان يكون مبدع في أفكاره واستنباطه للحلول ليس بشكل كلي ولكن بما انه مثقف لابد ان تكون عنده شراره ابداعيه .

المهم يااخواتي الغاليات : ان اكبر خطاء نرتكبه أن نعرف الأبداع ونحصره بالخيال فحسب ،إذلا قيمه ولافائده من خيال لايتحول إلى فكره عمليه إنتاج نافع ، ولايتحول الخيال إلى فكره عمليه وإنتاج نافع إلا إذا تنقل عبر وعي ويقين باللله وكذا عبرا لمراحل العلميه.

خلاصه ما أريد ان أصل اليه هو أن الابداع عمليه مهذبه ساميه , فيها خيال خصب ,وتفكير منطقي , وعمل منظم , ونظرة وأقعيه , ومنهج قويم , وأدب جم .

بأذن الله وصلت الغايه والمقصد .

الجمعة، 9 أكتوبر 2009

إمكانات القسم


يمتلك القسم خبرة طويله في مجال الدراسات العليا حيث بداء تدريس الماده في الدراسات العليا بأقسام الجامعه منذ عام 1397 هـ وفي عام 1399هـ افتتحت الدراسات العليا بالقسم الى ان تم إيقافها لمراجعه البرامج عام 1419هـ، كما يوجد لدى القسم ثلاثه من أعضاء هيئه التدريس بدرجه أستاذ وخمسه بدرجه أستاذ مشارك وسبعه بدرجه أستاذ مساعد.

الخميس، 8 أكتوبر 2009

عمل المرأه بين المشروع والممنوع





عمل المرأة بين المشروع والممنوع
دراسة شرعية وثائقية

فضيلة الشيخ / رياض بن محمد المسيميري

بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله وآله وصحبه وبعد:
فلسنا نعدو الحقيقة حين نقرر بارتياح تام أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي أنصف المرأة،ومنحها كافة الحقوق الممكنة طبعاً وشرعاً، وأناط بها كل الواجبات والتكاليف الملائمة لتكوينها الخلقي واستعدادها الفطري.
وهذا لعمري ما تفتقده كل الديانات والمذاهب والملل المعاصرة والغابرة, وحتى لا يكون الكلام غير مبرر, أو ذا منحى عاطفي لنا أن نتساءل : ترى من الذي أنقذ المرأة من الامتهان الذي تعرضت له على يد الإغريق والرومان والهنود والعرب في جاهليتهم الأولى؟ ألم تكن المرأة تباع وتشترى في سوق النخاسة كسقط المتاع دون أدنى اعتبار لإنسانيتها أو كرامتها البشرية؟ ألم تحرم حقها في اختيار الزوج, ونصيبها من الإرث أو على الأقل إمكانية تحديد المصير بعد موت زوجها؟ والجواب : بلى كل ذلك كان !!
وهاك أخي الكريم طرفاً من الشواهد الموثقة بأسانيد صحيحة، ونستهلها بما رواه البخاري من طريق عروة بن الزبـير : (أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء : فنكاح منها نكاح الناس اليوم ؛ يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها. ونكاح آخر كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها : أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها ، ولا يمسها أبداً حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب ، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد ، فكان هذا نكاح الاستبضاع . ونكاح آخر يجتمع الرهط دون العشرة ، فيدخلون على المرأة ، كلهم يصيبها ، فإذا حملت ووضعت، ومرّ ليال بعد أن تضع حملها ، أرسلت إليهم فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع ؛ حتى يجتمعوا عندها تقول : قد عرفتم الذي كان من أمركم ، وقد ولدت فهو ابنك يافلان . تُسمي من أحبت باسمه ، فيلحق به ولدها لا يستطيع أن يمتنع به الرجل . ونكاح الرابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمنع من جاءها ، وهنّ البغايا كنّ ينصبن على أبوابهن رايات تكون علماً ، فمن أرادهن دخل عليهن ، فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها ، جمعوا لها ودعوا القافة ، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون ، فالتاطه به ودُعي ابنه لا يمتنع من ذلك ، فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم بالحق هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم )[1]
إذاً فالمرأة من خلال هذا الحديث لا تعدو كونها دمية لإشباع نزوة الرجل, وإرواء نهمه الجنسي بطريقة بهيمية بشعة.
وأما التلاعب بأعصاب المرأة من خلال التلويح بورقة الطلاق بلا حدود فذاك ميدان آخر لقهر المرأة وإذلالها، فقد كان الزوج يطلق امرأته حتى إذا أوشكت عدتها على الانتهاء راجعها، ثم عاود الطلاق ثانية وثالثة وعاشرة بلا نهاية!!
واستمع إلى ابن كثير- رحمه الله - يرصد لنا تلك الأحداث فيقول عند تفسير قوله تعالى ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.. الآية ):
" هذه الآية الكريمة رافعة لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام ، من أن الرجل كان أحق برجعة امرأته وإن طلقها مائة تطليقة مادامت في العدة ، فلما كان هذا فيه ضرر على الزوجات، قصرهم الله عز وجل إلى ثلاث طلقات ، وأباح الرجعة في المرة والاثنتين وأبانها بالكلية في الثالثة " [2]
أما عند وفاة الزوج فهي فرصة سانحة لأقاربه من إخوة وخلافهم لوراثة الزوجة نفسها حيث تظل أسيرة كسيرة بين أيديهم إن شاءوا تزوجوها، وإن شاءوا عضلوها وبخسوها حقها في تحديد مصيرها ، وهاهو ابن عباس -رضي الله عنهما- يذكر لنا ما يؤكد هذه الأنباء فقد أخرج البخاري من طريقه في قوله تعالى: ( يأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ) قال : كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته ،إن شاء بعضهم تزوجها ،وإن شاءوا زوجوها ، وإن شاءوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها ، فنزلت هذه الآية في ذلـك [3]
تلك أخي الكريم, فقرات مختصرات من سجلات التاريخ، ومصادر المعلومات النزيهة ،تصور بجلاء الحالة البائسة التي وصلت إليها المرأة إبان عصور الاضطهاد الجاهلي الغابرة، حتى جاء الإسلام بشريعته الغراء، وأحكامه العادلة ،ليستنقذ المرأة وغيرها من المظلومين والبائسين، ويعيد إليهم كرامتهم السليبة وإنسانيتهم الممتهنة، ويبشرهم بحياة واعدة، وحقوق مضمونة، ويعبدهم لله وحده دون غيره.
ورغم ما في الإسلام من الجمال و البهاء والعدالة الفائقة، إلا أن الجاهلية المخزية قد ظلت باقية حتى الساعة في أصقاع شتى من هذه المعمورة، تسلب الناس كرامتهم، وتستعبد قلوبهم لغير الله، وتقحمهم في أتون اللوثات الفكرية والمذهبية الكافرة، وتنشر الفواحش في جماهير الناس، وتسوق الدهماء سوق النعاج إلى جهنم وبئس المهاد.
ومن عجب أن فئاماً من المخدوعين ببريق الجاهلية الخلاّب، وبهرجها الزائف قد ظلوا ولدهر طويل، معاول هدم لكل القيم والأسس والإنجازات الحضارية والأخلاقية التي قام عليها كيان الإسلام ،وبشرت به شرائعه وأحكامه الغراء!
وأضحت طائفة غير قليلة من بني جلدتنا أبواقاً ذات أصداء مزعجة، تملي على مسامع الأمة صديد مطالباتها، وقيح آمالها في التضليل والإرجاف ،وتدعو لاقتفاء آثار الجاهليات المعاصرة غربيها وشرقيها حذو القذة بالقذة سيما في مجال الشهوات والفساد الأخلاقي العريض !.
وقد نالت المرأة المسلمة نصيبها كاملاً غير منقوص من تلك الدعوات المغرضة، والنداءات الخادعة، كي تتورط من جديد في أحابيل وشراك أرباب الشهوات وعباد الجنس الحرام، واتخذت تلك المخادعات أشكالاً ومشارب شتى ،وكان من أكثرها لمعاناً وأشدها بريقاً، قضية " تحرير المرأة " وإعطائها حقوقها "ومساواتها بالرجل"!!.
وكانت قضية عمل المرأة خارج البيت هي أكثر الوسائل إيجابية، وأبلغها فاعلية لتحقيق الأهداف والوصول إلى المراد، وذلك لما في فرص العمل من الإغراءات المادية التي يسيل لها لعاب حتى بعض المحافظين من الأسر المسلمة، وكونه – عمل المرأة - يتيح المجال للاختلاط المباشر بها، ومن ثم سهولة الوصول إلى عقلها وبدنها، متى سنحت الفرصة.
وقد قام غلمان الصحافة وعواجيزها على وجه الخصوص، بدور آثم قذر في الترويج لإباحية الجنس ،عبر بوابة حقوق المرأة, والدعوة إلى العمل المختلط "وفق الشريعة الإسلامية طبعاً!!"
و لنقرأ ما كتبه العلامة المتفنن بكر أبو زيد-حفظه الله- يفضح أولئك التافهين المتنكرين لدينهم وأمتهم ومجتمعهم، ويستنهض الهمم للتصدي لهم ،وفضح مخططاتهم وأحقادهم:( فمعاذ الله أن يَمُرَّ على السمع والبصر، إعلان المنكر والمناداة به، وهضم المعروف والصدّ عنه، ولا يكون للمصلحين مِنَّا في وجه هذا العدوان صَوتٌ جهير بإحسان يَبْلُغُ الحاضر والباد، إقامة لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي به يُنافَحُ عن الدين، ويُنصح للمسلمين عن التردي في هوة صيحات العابثين، وبه تُحْرَسُ الفضائل، وتكبت الرذائل، ويؤخذ على أيدي السفهاء، ومعلوم أن فشو المنكرات يكون بالسكوت عن الكبائر والصغائر، وبتأويل الصغائر، لا سيما ونحن نُشاهد كظيظاً من زِحام المعدومين المجهولين من أهل الرَّيب والفتن، المستغربين الـمُسَيَّرين بحمل الأقلام المتلاعبة بدين الله وشرعه، يختالون في ثياب الصحافة والإعلام، وقد شرحوا بالمنكر صدراً، فانبسطت ألسنتهم بالسوء، وجَرَت أقلامهم بالسُّوأَى، وجميعها تلتئم على معنى واحد: التطرف الجنوني في مزاحمة الفطرة، ومنابذة الشريعة، وجرِّ أذيال الرذائل على نساء المسلمين، وتفريغهن من الفضائل، بدعوتهم الفاجرة في بلاد الإسلام إلى: حرية المرأة و المساواة بين المرأة والرجل في جميع الأحكام، للوصول إلى: جريمة التبرج والاختلاط و خلع الحجاب.
ونداءاتهم الخاسرة من كل جانب بتفعيل الأسباب لخلعه هذا الحجاب من البقية الباقية في نساء المسلمين، اللائي أسلمن لوجه لله تعالى، وسلَّمن القيادة لمحمد بن عبدا لله.نسأل الله لنا ولهن الثبات، ونبرأ إلى الله من الضلالة، ونعوذ بالله من سوء المنقلب.
وهؤلاء الرُّماة الغاشون لأمتهم، الشؤم على أهليهم وبني جنسهم بل على أنفسهم، قد عَظُمت جرَاءتهم، وتَلَوَّن مَكْرُهم، بكلمات تخرج من أفواههم، وتجري بها أقلامهم، إذ أخذوا يهدمون في الوسائل، ويخترقون سدَّ الذرائع إلى الرذائل، ويتقحَّمون الفضائل، ويهوِّنون من شأنها، ويسخرون منها ومن أهلها.
نعم قد كتب أولئك المستغربون في كل شؤون المرأة الحياتية، وخاضوا في كل المجالات العلمية، إلا في أمومتها وفطرتها، وحراسة فضيلتها.
كل هذا البلاء المتناسل، واللّغو الفاجر، وسَقَط القول المتآكل، تفيض به الصحف وغيرها باسم التباكي والانتصار للمرأة في حقوقها وحريتها، ومساواتها بالرجل في كل الأحكام، حتى يصل ذوو السَفَالة المستغربون إلى هذه الغاية الآثمة؛ إنزال المرأة إلى جميع ميادين الحياة، والاختلاط، وخلع الحجاب، بل لتمد المرأة يدها بطوعها إلى وجهها، فتسفع عنه خمارها مع ما يتبعه من فضائل.
وإذا خُلع الحجاب عن الوجه فلا تسأل عن انكسار عيون أهل الغيرة، وتقلص ظلِّ الفضيلة وانتشار الرذيلة، والتحلل من الدين، وشيوع التبرج والسفور والتهتك والإباحية بين الزناة والزواني، وأن تهب المرأة نفسها لمن تشاء.
وفي تفسير ابن جرير عند قول الله تعالى: ]والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً[ [النساء: 27] ، قال مجاهد بن جبر ـ رحمه الله تعالى ـ: يزني أهل الإسلام كما يزنون قال: هي كهيئة: ]ودوا لو تدهن فيدهنون[ [القلم: 9] .
ويتصاعد شأن القضية من قضية المرأة إلى قضية إفساد العالم الإسلامي، وهذه الخطة الضالة ليست وليدة اليوم، فإنها جادة الذين مكروا السيئات من قبل في عدد من الأقطار الإسلامية، حتى آلت الحال - واحسرتاه- إلى واقع شاع فيه الزنا، وشُرعت فيه أبواب بيوت الدعارة ودور البِغاء بأذون رسمية، وعمرت خشبات المسارح بالفن الهابط من الغِناء والرقص والتمثيل، وسُنّت القوانين بإسقاط الحدود، وأن لا تعزير عن رضا.. وهكذا، من آثار التدمير في الأعراض، والأخلاق والآداب،ولا ينازع في هذا الواقع الإباحي الأثيم إلا من نزع الله البصيرة من قلبه.
فهل يُريد أُجَراء اليوم أن تصل الحال إلى ما وصلت إليه البلاد الأخرى من الحال الأخلاقية البائسة، والواقع المر الأثيم ؟
أمام هذا العدوان السافر على الفضيلة، والانتصار الفاجر للرذيلة، وأمام تجاوز حدود الله، وانتهاك حرمات شرعه المطهر، نُبَين للناس محذرين من دخائل أعدائهم: أن في الساحة أُجَراء مستغربين، ولهم أتباع أجراء من سَذَجة الفساق، أَتَابع كل ناعق، يُفوِّقون سهامهم لاستلاب الفضيلة من نساء المؤمنين، وإنزال الرذيلة بهن، ويجمع ذلك كلَّه قول الله تعالى: ]والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً[ [النساء: 27]. قال ابن جرير رحمه الله تعالى [8/214 - 215]: ((معنى ذلك: ويريد الذين يتبعون شهوات أنفسهم من أهل الباطل وطلاب الزنا ونكاح الأخوات من الآباء، وغير ذلك مما حرمه الله ]أن تميلوا[ عن الحق، وعما أذن الله لكم فيه، فتجوروا عن طاعته إلى معصيته، وتكونوا أمثالهم في اتباع شهوات أنفسكم فيما حرم الله وترك طاعته ]ميلاً عظيما[ .
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب: لأن الله عز وجل عمَّ بقوله: ]ويريد الذين يتبعون الشهوات[ فوصفهم باتباع شهوات أنفسهم المذمومة، وعمهم بوصفهم بذلك، من غير وصفهم باتباع بعض الشهوات المذمومة، فإذا كان ذلك كذلك، فأولى المعاني بالآية ما دل عليه ظاهرها، دون باطنها الذي لا شاهد عليه من أصل أو قياس، وإذا كان ذلك كذلك كان داخلاً في الذين يتبعون الشهوات: اليهود والنصارى، والزناة، وكل متبع باطلاً؛ لأن كلَّ متبع ما نهاه الله عنه مُتَّبعٌ شهوة نفسه، فإذا كان ذلك بتأويل الآية الأولى، وجبت صحة ما اخترنا من القول في تأويل ذلك )).
وقد سلك أولئك الجناة لهذا خطة غضبية ضالة في مجالات الحياة كافة : العامة وفي الإعلام والتعليم والعمل والتوظيف بلسان الحال، أو بلسان المقال.
ففي مجال الحياة العامة:
1 – الدعوة إلى خلع الحجاب عن الوجه -الخمار- والتخلص من الجلباب- الملاءة - ويقال: العباءة ، و هذا بلسان الحال دعوة إلى خلع الحجاب عن جميع الجسد، ودعوة إلى اللباس الفاتن بأنواعه: الفاتن في شكله، والتعري بلبس القصير، والضيق الواصف للأعضاء، والشفاف الذي يشف عن جسد المرأة. ودعوة إلى التشبه بالرجال في اللباس. ودعوة إلى التشبه بالنساء الكوافر في اللباس.
2 – الدعوة إلى منابذة حجب النساء في البيوت عن الأجانب بالاختلاط في مجالات الحياة كافة.
3 – الدعوة إلى دمج المرأة في جميع مجالات تنمية الحياة، ويقصد منه ظهور المرأة في الطرقات والأماكن العامة متبرجة سافرةً.
4 – الدعوة إلى مشاركتها في الاجتماعات، واللجان، والمؤتمرات، والندوات، والاحتفالات، والنوادي ، وفي هذا دعوتها إلى الخضوع بالقول، والملاينة في الكلام، ودعوتها إلى مصافحة الرجل الأجنبي عنها، ومنها مصافحتها لخطيبها وَلَـمَّا يُعقد بينهما. ودعوة لها إلى خروجها من بيتها أمام الأجانب في حال تُثير الفتنة في اللباس، والمشية، وإعمال المساحيق، والتمخض بالطيب، ولبس ما يجعلهن كَواعب، ولبس الكعب العالي، وهكذا من وسائل الإغراء والإثارة والفتنة.
5 – الدعوة إلى فتح النوادي لهن، والأمسيات الشعرية، والدعوة للجميع.
6 – الدعوة إلى فتح مقاهي الإنترنت النسائية والمختلطة.
7 – الدعوة إلى قيادتها السيارة، والآلات الأخرى.
8 – الدعوة إلى التساهل في المحارم، ومنها: الدعوة إلى سفر المرأة بلا محرم، ومنه سفرها غرباً وشرقاً للتعلم بلا محرم، وسفرها لمؤتمرات: رجالات الأعمال.
9 – الدعوة إلى الخلوة بالأجنبية، ومنها: خلوة الخاطب بمخطوبته ولمَّا يُعقد بينهما.
10 – الدعوة إلى قيامها بالفنِّ، ومنه:
11 – الدعوة إلى قيامها بدورها في الفن، والغناء، والتمثيل ،وهذا ينتهي بالدعوة إلى مشاركتها في اختيار ملكة الجمال.
12 – الدعوة إلى مشاركتها في صناعة الأزياء الغربية.
13 – الدعوة إلى فتح أبواب الرياضة للمرأة، ومنه:
- المطالبة بإنشاء فريق كرة قدم نسائي.
- المطالبة بركوب النساء الخيل للسباق.
- المطالبة برياضة النساء على الدراجات العادية والنارية.
14 – فتح المسابح لهن في المراكز والنوادي وغيرها.
15 – وفي شَعْر المرأة ضروب من الدعايات الآثمة، كالتنمص في الحاجبين، وقص شعر الرأس تشبهاً بالرجال، أو بالنساء الكافرات، وفتح بيوت الكوافير لهن.
16 – وأولاً وأخيراً: الدعوة الجادة إلى تصوير المرأة في الوثائق والبطاقات، وبخاصة في بطاقة الأحوال، وجواز السفر.. والتركيز عليها، لأنها بوابة سريعة النفوذ إلى: خلع الحجاب و انخلاع الحياء.
وفي مجال الإعلام:
17 – تصوير المرأة في الصحف والمجلات وفي التلفاز مغنية، وممثلة، وعارضة أزياء، ومذيعة.. وهكذا .
19 – عرض برامج مباشرة تعتمد على المكالمات الخاضعة بالقول بين النساء والرجال في الإذاعة والتلفاز.
20 – ترويج المجلات الهابطة المشهورة بنشر الصور النسائية الفاتنة.
21 – استخدام المرأة في الدعاية والإعلان.
22 – الدعوة إلى الصداقة بين الجنسين عبر برامج أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، وتبادل الهدايا بالأغاني وغيرها.
23 – إشاعة صور القُبُلات والاحتضان بين الرجال وزوجاتهم على مستوى الزعماء والوزراء في وسائل الإعلام المتنوعة.
وفي مجال التعليم:
24 – الدعوة إلى التعليم المختلط في بعضها إلى الصفوف الدنيا منه.
25 – الدعوة إلى تدريس النساء للرجال وعكسه.
26 – الدعوة إلى إدخال الرياضة في مدارس البنات. وهذا داعية إلى المطالبة بفتح: مدرسة الفنون الجميلة للنساء.
وفي مجال العمل والتوظيف:
27 – الدعوة إلى توظيف المرأة في مجالات الحياة كافة بلا استثناء كالرجال سواء.
28 – ومنه الدعوة إلى عملها في: المتاجر، والفنادق، والطائرات، والوزارات، والغُرف التجارية، وغيرها كالشركات، والمؤسسات.
29 – الدعوة إلى إنشاء مكاتب نسائية للسفر والسياحة، وفي الهندسة والتخطيط. وهذا داعية إلى الدعوة إلى عمل المرأة في المهن الحرفية كالسباكة، والكهرباء وغيرها.
30 – الدعوة إلى جعل المرأة مندوبة مبيعات.
والدعوة إلى إدخالها في نظام الجندية والشُّرط.
والدعوة إلى إدخالها في السياسة في المجالس النيابية، والانتخابات، والبرلمانات.
والدعوة إلى إيجاد مصانع للنساء.
31 – الدعوة إلى توظيفهن في التوثيق الشرعي، وفتح أقسام نسائية في المحاكم.
وهكذا في سلسلة طويلة من المطالبات ، التي تنتهي أيضاً بما لم يطالب به، نسأل الله سبحانه أن يبطل كيدهم، وأن يكف عن المسلمين شرَّهم، لا إلـه إلا هو سبحانه وتعالى).أ.هـ
و في هذا البحث سأحاول بإذن الله بذل الوسع في لمّ أطراف الموضوع وتسليط الأضواء على هذه القضية المهمة.
المبحث الأول
نظرة الإسلام للمرأة
للمرأة في الإسلام مكانتها العالية، ومرتبتها الرفيعة، فهي محفوظة الكرامة مكفولة الحقوق فالنساء شقائق الرجال وهن الأمهات والبنات والزوجات ونصف المجتمع المهم.
ففي الحديث قالت أم سلمة رضي الله عنها:"يا رسول الله، ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال ؟ فأنزل الله" إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات.."الآية[4]
فاشتملت الآية على مساواة تامة بين الجنسين فيما يتعلق بالتكاليف والواجبات الشرعية بحسب كل منهما، وعدالة تامة في الأجور والثواب، فقال سبحانه في ختام الآية: "لهم مغفرة وأجر عظيم"
وقال كذلك: "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (النحل : 97)
والإسلام ينظر للمرأة نظرة الإجلال والإكبار، بحكم الدور البارز الذي تقوم به، كراعية للبيت ومربية للأجيال ومؤسسة للمجتمع الكبير، وكم نلحظ عناية الكتاب والسنة بشأن البيت خاصة وربطه بالمرأة ربطاً مباشراً، فآيات الكتاب العزيز تضيف البيوت للنساء في كل مرة حتى حال وقوع الطلاق، واقرأ: "لا تخرجونهن من بيوتهن.." الطلاق 1، وأمرهن بالقرار: "وقرن في بيوتكن" الأحزاب 33، وعند تبليغ العلم: "واذكرن ما يتلى في بيوتكن" الأحزاب 34
وأما في الصحيحين فحسبك قوله عليه السلام:"والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"[5]
وقد ظلت المراة منذ فجر الإسلام وإلى اليوم عاملاً رئيساً، وشريكاً مثالياً في نشر الإسلام ودفع مسيرته ،ومقاومة أعدائه، وليس لأحد أن يجحد الدور الذي لعبته خديجة - رضي الله عنها - لنصرة الدين ومؤازرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، منذ اللحظات الأولى لحادثة الغار الشهيرة، حين التقى جبريل نبينا عليهما الصلاة والسلام ،وحتى الرمق الأخير من حياتها الشريفة الخالدة.
والمرأة في ظل الإسلام مكلفة بذات التكاليف الشرعية المناطة بالرجل، باستثناء أمور يسيرة كالأذان والجهاد والقضاء ونحوها مراعاة لظروفها الخلقية والفطرية واستعداداتها النفسية.
ولذا كان من حق المرأة نيل ذات الثواب الذي يناله الرجل، جزاء الأعمال الصالحة التي تقوم بها، متى تحقق شرطا القبول وهما: الإخلاص والمتابعة وفي هذا يقول الله تبارك اسمه: "فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى..." آل عمران 195
كما منح الإسلام المرأة الحرية التامة في اختيار شريك حياتها، فلا تجبر ولا تكره على رجل لا تريده، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ :"لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن ،قالوا : يا رسول الله : وكيف إذنها ؟ قال: أن تسكت " [6]
ولماّ أنكح خِدام- رضي الله عنه- ابنته خنساء، وهى كارهة،أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فردّ نكاحها [7]
وأمر الشارع بإعطائها حقوقها المشروعة كاملة، والوفاء بشروطها التي اشترطتها حال النكاح، إلا ما عارض شرعاً أو صادم عرفا ً، ففي حديث عقبة بن عامر قال: قال: رسول الله صلى الله وسلم:" إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج" [8]
بل أوصى بالنساء وصية عامة شاملة فقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ :" استوصوا بالنساء خيراً " [9]
وحفظ لها كرامتها ومشاعرها وحذر مما يخدش حيائها، ففي حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال : قال عليه السلام:" إن من أشر الناس عند الله يوم القيامة, الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها " [10]
كما أنه من حق المرأة كسب المال وتنميته، وتملك العقار وغيره، وتعاطي البيع والشراء ،وتعلم العلم النافع وتعليمه، إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة التي يضيق المقام عن سردها.
المبحث الثاني
أصل عمل المرأة في بيتها
لا يشك عاقل أن عمل المرأة الأساس هو في بيتها ،بل مملكتها الغالية ،ففيه تتولى رعاية زوجها ،وتلبية احتياجاته،وبين حُجر هذا البيت وأركانه تربي صغارها ، وتغدق عليهم من حنانها وعطفها.
فالأصل إذاً هو قرار المرأة في البيت امتثالاً لقوله تعالى:" وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" الأحزاب:33 قال ابن كثير:"الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة" [11] وقال ابن الجوزي : قال المفسرون: ومعنى الآية: الأمر لهن بالتوقر والسكون في بيوتهن و أن لا يخرجن .
وقال بكر أبو زيد -تعليقاً على الآية-:"فهو عزيمة شرعية في حقهن وخروجهن من البيوت رخصة لا تكون إلا لضرورة أو حاجة"[12]
ولذا لم يعرف عن نساء السلف إلا القرار في البيوت في أغلب الأحيان ،وظل خروجهن من البيت استثناء تقتضيه الحاجة أو الضرورة كما سيأتي تقريره بحول الله تعالى.
حتى إننا لنرى البيت يفوق المسجد في حق المرأة فضلاً وثواباً متى أرادت أداء الصلاة، لما في البيت من صيانة المرأة وحفظها من مزاحمة الرجال ،وضمان التصاقها الوثيق بأولادها أكبر قدر ممكن من الوقت ، فقد روى أبو داود وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها " [13]
ومن العجيب إغفال البعض للدور العظيم الذي تقوم به ربات البيوت ، واعتباره عملاً هامشياً لا قيمة له، وأن ما تنفذه من مهام جسام داخل أسوار المنزل هو ضرب من البطالة الاجتماعية ، وأنها بذلك تظل طاقة معطلة أو مهدرة!!
وهي دعاوى كما ترى تفتقد الموضوعية والإنصاف ،وتفصح عن مغالطات مقيتة لا يقبلها العقل السليم والنظر المحايد.
بل إن هؤلاء ليقعون ضحايا التناقض المكشوف بصورة تثير الضحك، إذ لو خرجت المرأة من بيتها إلى ما يسمى برياض الأطفال، أو دور الحضانة لتتولى تدبير وإطعام بضعة أطفال لساعات محدودة من اليوم، لعدت في نظر هؤلاء امرأة عاملة ذات مردود اقتصادي ايجابي، بينما بقاء المرأة مع أولادها الصغار طيلة ساعات اليوم ،تطعم جائعهم، وتكسو عاريهم،وتغدق عليهم من حنانها بلا حدود، فإن هذا يعني في نظر القوم أنها عديمة الإنتاج سلبية الأثر!!
وأعجب من هذا أن استقدام الخادمة إلى المنزل، وقيامها ببعض أدوار الأم ووظائفها البيتية ،يصنف في نظر هؤلاء المغالطين ،عملاً له اعتباره المهم ،أماّ قيام الأم نفسها بأعباء منزلها بأمانة واقتدار، وتضحية وتفان ، فتلك مسألة فيها نظر!!
إن العدل والإنصاف ليجبران كل ذي مرؤة وحياد ،ألا يكتفي بما قررناه، بل يضيف إليه بلا منة أو أذى، أن المرأة في بيتها تقوم في واقع الأمر بما يقوم به عدد من الأيدي العاملة، ذوي الوظائف المختلفة، فلو توقفت المرأة عن عملها في المنزل، فإن طهي الطعام وتنظيف الثياب ورعاية الأولاد وغيرها من المهام، ستكون من نصيب المطاعم والمغاسل العامة ودور الرعاية والحضانة، أو من نصيب الخادمات الوافدات ، أليس كذلك؟!!.
المبحث الثالث
التدابير الشرعية لصيانة المرأة
لا يشك أحد أنّ الطامعين في المرأة كثر على مر التاريخ، وأن ما وصلت إليه المرأة في عصرنا الراهن من الابتذال والإسفاف الأخلاقي، إنما هو نتيجة للإلحاد العالمي، وشيوع الوثنية، وإقصاء الإسلام بتدابيره الشرعية الفذة عن الحياة البشرية في معظم الديار.
وحتى العالم الإسلامي نال نصيبه الوافر من ابتذال المرأة، نتيجة حملات التغريب المتتالية، ورغبة الجماهير في التقليد الأعمى لكل وافد ودخيل.
ولو قدر المسلمون التدابير الشرعية لصيانة المرأة حقّ قدرها، وبذلوا الوسع لجعلها واقعاً ملموساً ينعم بآثاره الجميع، لعمت الفضيلة أرجاء البلاد الإسلامية، وتوارت خفافيش الليل، وخنس عباد الشهوات.
وفي الأسطر التالية نستعرض بعض تلك التدابير بشئ من الإيجاز:
1. الأصل: قرار المرأة في البيت -وهذا تقدم ذكره- إلا أنّ هذا الأصل لا يمنع وجود بعض الاستثناءات منها:
أ‌- خروجها للصلاة في المسجد، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " [14].
وحديث عائشة- رضي الله عنها قالت:" لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الفجر، فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد " [15].
ومثل ذلك خروجها لصلاة العيدين، فعن أم عطية- رضي الله عنها- قالت: " أمرنا أن نخرج العواتق وذوات الخدور.. - وعن أيوب عن حفصة بنحوه وزاد - " ويعتزل الحيّض المصلى " [16]
و مع ذلك فقد ذكر العلاّمة بكر أبو زيد، أن الأذن للمرأة بالخروج إلى المسجد، يكون وفق الأحكام التالية:
1 - أن تؤمن الفتنة بها وعليها.
2 - أن لا يترتب على حضورها محذور شرعي.
3 - أن لا تزاحم الرجال في الطريق ولا في الجامع.
4 - أن تخرج تَفِلةً غير متطيبة.
5 - أن تخرج متحجبة غير متبرجة بزينة.
6 - إفراد باب خاص للنساء في المساجد، يكون دخولها وخروجها معه، كما ثبت الحديث بذلك فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لو تركنا هذا الباب للنساء) قال نافع فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات .
7 - تكون صفوف النساء خلف الرجال.
8 - خير صفوف النساء آخرها بخلاف الرجال.
9 - إذا نابَ الإمامَ شيء في صلاته سَبَّح الرجل، وصفقت المرأة.
10- تخرج النساء من المسجد قبل الرجال، وعلى الرجال الانتظار حتى انصرافهن إلى دُورهن، كما في حديث أم سلمة رضي الله عنها، في صحيح البخاري[17] وغيره.
إلى غير ذلك من الأحكام التي تباعد بين أنفاس النساء والرجال، والله أعلم.[18]
فإذا كانت هذه الأحكام حال خروجها للمسجد فكيف بغيره ؟
ب‌- خروجها للاستفتاء أو السؤال عمّا يشكل ، عليها فقد كان نساء السلف-رضى الله عنهن- يخرجن لهذا الغرض الشرعي، والشواهد على هذا كثيرة منها:
حديث زينب امرأة ابن مسعود، وحديث سُبيعة الأسلمية، وحديث امرأة ثابت بن قيس،- رضى الله عنهم- فأمّا حديث زينب رضي الله عنها فقد قالت: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تصدقن يا معشر النساء، ولو من حليكن" قالت: فرجعت إلى عبد الله، فقلت: إنّك رجل خفيف ذات اليد، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة، فأته فاسأله، فإن كان ذلك يجزي عنّي و إلا صرفتها إلى غيركم ،قالت: فقال لي عبد الله: بل ائتيه أنت. فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،حاجتي حاجتها، قالت :وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة. قالت: فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنّ امرأتين بالباب تسألانك :أتجزئ الصدقة عنهما إلى أزواجهما وعلى أيتام فى حجورهما؟ ولا تخبره من نحن، قالت: فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هما ؟ فقال: امرأة من الأنصار ،وزينب ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الزيانب ؟ قال: امرأة عبد الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة ) [19]
ت‌- وأمّا حديث سُبيعة الأسلمية، فعن عمر بن عبد الله بن الأرقم : ( أنّ سُبيعة بنت الحارث أخبرته: أنّها كانت تحت سعد بن خولة، وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدراً، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلمّا تعلت من نفاسها، تجمّلت للخُطاّب، فدخل عليها أبو السنابل بن بَعْكَك -رجل من بني عبد الدار- فقال لها: مالي أراك متجمّلة لعلك ترْجين النكاح، إنّك والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشرٌ، قالت سُبيعة: فلمّا قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت، وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك، فأفتاني : بأنّي قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزوج إن بدا لي )[20]
ث‌- وأمّا حديث امرأة ثابت، فعن ابن عباس-رضى الله عنهما- ( أنّ امرأة ثابت بن قيس، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ،ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خُلق ولا دين، ولكنّي أكره الكفر في الإسلام ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إقبل الحديقة وطلقها تطليقة) [21]
ج- خروجها لطلب العلم النافع بشروطه وضوابطه وبلا اختلاط أو ريبة، ففي الصحيح من حديث أبى سعيد -رضي الله عنه- قال: " قالت النساء : يا رسول الله، غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفسك، فواعدهن يوماً فأتاهن ووعظهن......" الحديث[22]
د- خروجها لشراء حاجتها من السوق عند الحاجة وبرفقة من يصونها من الفسّاق والأشرار الذين تكتظ بهم الأسواق سيما في هذه الأزمان.
هـ- خروجها لزيارة والديها وأرحامها، ويدل عليه استئذان عائشة- رضي الله عنها- رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة أبويها في قصة الإفك الشهيرة[23]
و- خروجها لزيارة صويحباتها ، كما ثبت في المسند من حديث إبراهيم بن عبد الله بن معبد- " أنّ امرأة إشتكت شكوى، فقالت :إن شفاها الله أن تخرج إلى بيت المقدس، فبرأت فتجهزت للخروج ،فجاءتها ميمونة- رضى الله عنها - تزورها فأخبرتها الخبر.."[24] الحديث
2. الحجاب الشرعي
فرض الإسلام حجاب المرأة المسلمة،ستراً لها وصيانةً من عبث العابثين، وجرأة الفسقة والمجرمين، ويراد بالحجاب بمفهومه الشرعي الصحيح، تغطية كامل بدنها من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين، ومن أباح للمرأة كشف الوجه أمام الرجال الأجانب ، فقد أبعد النجعة وخالف الأدلة البيّنات ، والحجج الواضحات ، وإليك بعض ما يدلُّ على ذلك:
1/ قال الله تعالى :" وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن .." الأحزاب 53
والخطاب في هذه الآية لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ،فإذا كان هؤلاء الأخيار الأطهار، رجالا ونساءًً يؤمرون بهذا الأمر الرباني البديع ، طهرة لقلوبهم وقلوبهن ، وهم خير القرون ، وأنجم الهدى، فكيف برجال هذا الزمان ونسائه ؟!!
2/ وقال سبحانه وبحمده :" والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم" النور 60
فإذا كان وضع ثياب الوجه مباحاً للقواعد- وهن النساء الكبيرات القاعدات عن الحمل والإنجاب مع ندبهن الى الستر والاستعفاف- فإنّ صغيرات السن والشابات يلزمهن-وجوباً- إسباغ الثياب، ونبذ التبرج والسفور،بلا شك أو ريب.
3/ وقال جلّ في علاه : " يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً " الأحزاب 28
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:(ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب بقوله:"يأيها النبي قل لأزواجك.."حجب النساء عن الرجال) أ.هـ 3
قلت: وأدلة حجب المرأة لوجهها كثيرة جداً ليس هذا موضع ذكرها.
3. تحريم سفر المرأة إلا مع ذي محرم
ففي هذا حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ،أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً إلا ومعها أبوها ،أو ابنها، أو زوجها، أو أخوها ، أو ذو محرم منها "[25].
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله اليوم والآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم" [26]
بل قرر كثير من العلماء أنه حتى السفر الواجب لأداء الحج فإنّه يلزمها المحرم، حتى إنّه يسقط عنها الوجوب بافتقاده.
قال ابن قدامة: ( فمن لا محرم لها لا تكون كالرجل ، فلا يجب عليها الحج وقد نصّ عليه أحمد)[27]
قلت: وأمّا الذين أوجبوا الحج الواجب ولو بلا محرم، فقد قال ابن المنذر: (تركوا القول بظاهر الحديث ، واشترط كل واحد منهم شرطاً لا حجة معه عليه)[28]
4. تحريم الخلوة بالمرأة
وفيه حديث بن عباس -رضي الله عنه – قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم"[29]
وعن عقبة بن عامر:"أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:إياكم والدخول على النساء ،فقال رجل من الأنصار: يا رسول، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت"[30].
قال الحافظ في الفتح: (قيل: المراد أنّ الخلوة بالحمو قد تؤدي إلى هلاك الدين، إن وقعت المعصية ، أو إلى الموت إن وقعت المعصية ووجب الرجم، ونسب ذلك إلى القرطبي، ثم نقل عن الطبري قوله: المعنى أنّ خلوة الرجل بامرأة أخيه أو ابن أخيه، تنزل منزلة الموت)[31]
فليت شعري كيف لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدثه المسلمون في هذه العصور من الخلوات المحرمة في المكاتب والمصانع والمتاجر؟
وكيف لو رأى ما تفعله بعض القبائل والعوائل من العادات البدعية الذميمة ، والتقاليد الأجنبية الدخيلة حيث لا يرون مانعاً أن تستقبل النساء الرجال الأجانب- ضيوفاً كانوا أو عابري سبيل- باسم الشهامة والكرم وحسن الضيافة ؟!!
وكيف لو رأى ما يفعله آخرون من جلوس البنت مع ابن عمها أو ابن خالها، متكشفين خاليين، بدعوى أنهما ذوو قرابة ونسب ، وكل ذلك نتيجة الجهل بأحكام الشريعة الغرّاء ، أو الاستخفاف واللامبالاة!
ولطالما حدثت من الدواهي العظام، والفواحش الجسام ما تقشعر من هوله الأبدان، وما أكثر ما تتحرك الأجنة الحرام في أحشاء الفتيات والنساء ، بسبب غياب الأدب والاحتشام، وفقد الغيرة والمروءة والحياء !!
5. لا تنكح المرأة إلا بولي
وفي هذا حديث أبي موسى رضي الله عنه:أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا نكاح إلا بولي" [32]
إلا أنّه قد اختلف في وصل هذا الحديث وإرساله، ورجح الترمذي وصله، كما استوفى الحافظ ابن حجر طرق الحديث كما في الفتح عند شرحه لأبواب النكاح.
وقد اختلف العلماء في اشتراط الولي في النكاح على قولين :
1/ فذهب الجمهور إلى ذلك،وقالوا :لا تزوج المرأة نفسها أصلاً، واحتجوا بالأحاديث المذكورة ، وبقوله تعالى: ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف..) البقرة 232 ومن أقواها هذا السبب المذكور في نزول الآية، وهو حديث معقل بن يسار، فعن الحسن قال:" فلا تعضلوهن" حدثني معقل بن يسار أنّها نزلت فيه، قال: زوجت أختاً لي من رجل فطلقها، حتى إذا انتهت عدتها جاء يخطبها! فقلت له: زوجتك وأفرشتك وأكرمتك فطلقتها ، ثم جئت تخطبها ؟! لا والله لا تعود إليك أبدا -وكان رجلاً لا بأس به وكانت المراة تريد أن ترجع إليه- فأنزل الله هذه الآية " فلا تعضلوهن " فقلت :الآن أفعل يا رسول الله. قال فزوجها إياه " [33]
قال الحافظ :وهي أصرح دليل على اعتبار الولي، وإلاّ لما كان لفعله معنى ، ثم نقل عن ابن المنذر قوله: إنّه لا يعرف عن أحد من الصحابة خلاف ذلك [34]
قال البغوي في شرح السنة: ( والعمل على حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا نكاح إلا بولي " عند عامة أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم ،وهو قول عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس ، وأبي هريرة ، وعائشة ،وغيرهم، وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن البصري ،وشريح، والنخعي، وقتادة، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهم، وإليه ذهب ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والثوري، والأوزاعي، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق ) [35] وقال شعيب في حاشيته على شرح السنة: ( وقد جعل الإمام الطحاوي في معاني الآثار أبا يوسف ،ومحمد بن الحسن ،في عداد من يقول: إنّه لا يجوز تزويج المرأة نفسها إلا بإذن وليها ) [36]
2/ وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يشترط الولي أصلاً، ويجوز أن تزوج المرأة نفسها ولو بغير إذن وليها، إذا تزوجت كفؤاً، واحتج بالقياس على البيع ،فإنّها تستقل به، وحمل الأحاديث الواردة باشتراط الولي على الصغيرة، وخصّ بهذا القياس عمومها ،وهو عمل سائغ في الأصول كما قرره الحافظ بيد أنّه قال: لكن حديث معقل المذكور رفع هذا القياس.
ولا ريب أنّ الراجح هو ما ذهب إليه الجمهور ،من لزوم الولي لصراحة الأحاديث المشار إليها، وما فهمه الصحابي الجليل معقل بن يسار بأنّ الأمر في التزويج متوقف عليه- لكونه ولياً لأخته- وإقرار النبي لذلك الفهم -كما ترى- يضاف إلى ذلك مفهوم قوله تعالى:" ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " البقرة 221 فقد أسند الإنكاح إلى الأولياء .
بيد أنّ إناطة تزويج المرأة بالولي ليس فيه هضمٌ لحقوقها أو حطٌ من مكانتها ،بل العكس هو الصحيح، إذ لا يخفى لكل من تأمل بموضوعية وإنصاف ، أنّ كلّ ما في الأمر صيانة المرأة- المجبولة على الحياء- عن التبذل وصفاقة الوجه ،وحفظها من الاحتكاك المباشر بالرجال الأجانب، سيما في موضوعات حساسة كهذه ذات علاقة وثيقة بالفروج، كما أنّ من مقاصد الشارع في هذه القضية صون المرأة من الاستغفال أو الاستغلال، إذ أنّ الموافقة على الزواج من رجل كثيراً ، ما يستدعي بحثاً وسؤالاً عن دينه وأخلاقه، ووضعه الاجتماعي ، وهذا يتطلب طرقاً لأبواب الغير، واتصالاً بذوي العلاقة المباشرة بالخاطب ،وتلك لعمري أمورٌ تعفُّ عن تعاطيها ذوات الخدور المحصنات.
6. منعها من الخضوع بالقول:
قال تعالى: " فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا " الأحزاب 33، قال السدي وغيره:"يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال " [37] وهذه الآية تخاطب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، أزكى نساء الأمة وأطهرهن وأعفهن وأكملهن، وتأمرهن بقطع دابر الفتنة، وإطفاء فتيلها، بمنعهن من الخضوع بالقول- وهو التغنج والتكسر فيه ، وترقيقه وتنعيمه ( بالعين )- حال محادثتهن لصفوة هذه الأمة وسادة الدنيا ،من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،الذين زكاهم ربهم، وارتضاهم نبيهم عليه السلام أصحاباً وأنصاراً.
وقد عُلل النهي بقطع أطماع، مرضى القلوب بالشهوة المحرمة، الذين يضعفون أمام عذوبة الصوت، ونعومته ونعومة الألفاظ وتغنجها، وإذا كانت هذه التدابير فرضاً لازماً في عصر العفة والشرف، ومجتمع الطهر والنزاهة فكيف بحالنا اليوم ، وقد ضعف التدين ، وخفّ الوازع وغاب الضمير؟!
كيف الحال وقد استسلم الناس للشهوات، وراجت فيهم الفتنة، وتسلط عليهم شياطين الإنس والجن، يزينون لهم كلّ رذيلة، ويحسّنون لهم كلّ فاحشة وبلية؟!.
ولو كان المسلمون يتدبرون كلام ربهم –سبحانه- ويلتزمون شرائعه وأحكامه، لما سمحوا لنسائهم يذرعن الأسواق جيئة وذهاباً، يخالطن الرجال، ويخضعن بالأقوال ، يحادثن من شئن بلا حسيب أو رقيب حتى اتخذن الأخدان والعشاق، وضاجعن الفجار والفساق، بعد رحلة لم تدم طويلاً، من عبارات الحب والغرام الكاذب الخليع !.
ولماّ كان صوت المرأة بهذه المثابة من الفتنة والتأثير، أعفاها الشارع من رفع الأذان والإقامة، وشرع لها التصفيق متى رابها شيء في صلاتها، في حين سوّغ للرجال التسبيح.
قال صاحب المغني:" ولا يصح الأذان إلا من مسلم عاقل ذكر..ولا يُعتد بأذان المرأة لأنّها ليست ممّن يُشرع له الأذان.. وهذا كُله مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافاً " [38] ، ومما يؤكد هذا الأمر مارواه سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا نابكم شيء في صلاتكم ، فليسبح الرجال ، وليصفق النساء ) .[39]
7. سقوط فرضية الجهاد عنها:
راعى الإسلام طبيعة المرأة الجسمية والعاطفية، فوضع عنها الجهاد لماّ يتطلب من الكر والفر، والقوة والجلد، ولما يترتب عليه من القتل والجراح، والأسر والسبي وغيره، ممّا تعجز عن تحمله النساء ،لضعفهن وغلبة العاطفة عليهن ممّا يجعلهن غير قادرات على رؤية مشاهد الدماء والأشلاء !.
ولعل طالب العلم على ذكر بأنّ الجهاد ذروة سنام الإسلام، وصمام أمان الأمة ،من غدر أعدائها وبغيهم عليها، وبوابة العبور إلى الفتوحات الإسلامية، ونشر الرسالة، ومع ذلك فقد رُفع وجوب الجهاد عن الإناث، وفوّت الشارع كلّ تلك المصالح ،مراعاة لما تقدم من طبيعتهن الخلقية، وتكوينهن النفسي والعاطفي.
فقد صحّ عند البخاري وغيره، من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: " يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل ، أفلا نجاهد ؟ قال: " لا ولكن أفضل الجهاد حج مبرور" [40]
8. منعها من زيارة القبور
والأصل في هذا قوله عليه السلام: " لعن الله زائرات القبور " [41] فرغم المصالح الكثيرة المترتبة على زيارة القبور، من تذكر الآخرة ، والزهد في الدنيا، وتعجيل التوبة، ورحمة الأموات بالدعاء لهم ،وحصول الأجور بالزيارة، وامتثال سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ، أنّ النساء ممنوعات من زيارة المقابر ،صيانة لهنّ عن الجزع والبكاء، بحضرة الرجال الأجانب ،وحماية لهنّ من هيجان العاطفة، وتدفق المشاعر الساخنة في أماكن عامة، وكلُّ ذلك يتم وفق القاعدة الأصولية المعروفة:" درء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح ".
9. سقوط الجمعة والجماعة عنها
لا يلزم المرأة جمعة ولا جماعة بل صلاتها في بيتها خير لها- كما تقدم- ، ومع فوائد الجمع والجماعات، من تكثير سواد المسلمين ، وإغاظة المنافقين، وتعارف المصلين، ووحدة الصف، وجمع الكلمة، ورفع الدرجات، وتعلم العلم، وغير ذلك من الفوائد الجمة ،والمصالح الجامعة، إلاّ أنّ الشارع أذن للمرأة أن تشهد الجمعة والجماعة إذناً ،ولم يلزمها شيئاً من ذلك فرضاً ،كما في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- :" لا تمنعوا إماء الله مساجد الله "[42] وما ذلك إلاّ حفاظاً لها من مزاحمة الرجال، واعتياد الدخول والخروج ،فإن أبت إلاّ الذهاب، فلتذهب تَفِلة، غير متطيبة، أو متبرجة بزينة، ففي حديث زينب الثقفية ،أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا شهدت إحداكنّ المسجد فلا تمسّ طيباً " [43]
فإذا حضرت المساجد كانت في آخر الصفوف ،كما في حديث أبي هريرة:" خير صفوف الرجال أولها، وشرّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها " [44]
وما ذلك إلاّ لإبعادها عن الاقتراب من الرجال حتى في خير البقاع، وأشرف المناسبات ،وانظر ما تقدم ذكره من أحكام الذهاب إلى المساجد ص 10
فيا حسرة على نساء يزاحمن الرجال ،في شر البقاع وأبغضها عند الله ،وهى الأسواق ، أو في مدن الملاهي والحدائق المختلطة ، حيث تتكشف الروؤس والنحور، وتغيب الفضيلة ويتوارى الحياء.!!
10. تحريم مصافحة النساء :
ومن التدابير العظيمة التي وضعها الشارع الحكيم لصيانة النساء ،وحفظهن من التبذل والفتنة، تحريم مصافحتهن للرجال الأجانب، ففي الصحيحين من حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية " ولا يشركن بالله شيئا ً" قالت: وما مسّت يدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدَ امرأةٍ قط، إلاّ امرأة يملكها" [45]
وعند ابن ماجه بسند صحيح قال عليه السلام:"إنّي لا أصافح النساء" [46]
وعند الطبراني من حديث معقل بن يسار،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد، خيرٌ له من أن يمسّ امرأةً لا تحلُّ له " صححه الألباني [47]
وقد نقل د.أحمد البابطين اتفاق الأئمة الأربعة على تحريم مصافحة الرجال للنساء من غير المحارم ،كما أجمعوا على تحريم إلقاء السلام عند خوف الفتنة أو ما كان موصلاً لها[48]
قلت فإذا كان نبينا العظيم عليه السلام يمتنع من مصافحة النساء في شأن البيعة ،التي هي أهم قضايا الأمة المصيرية فكيف بمن سواه من عامة الأمة ،سيما في هذه العصور المتأخرة، حيث ابتعد الناس عن دينهم وعصفت بهم الفتنة من كلّ اتجاه.
ولقد استخف الكثيرون بهذا الأدب النبوي الكريم، فألفيت الرجال يصافحون النساء ،ويبادلونهن الأحاديث الودية والضحكات والمداعبات بكل صفاقة وجه وقلة حياء.
وهذا يكثر بين الأقارب والعشائر بدعوى القرابة وشيوع الثقة فالشاب يصافح ابنة عمه وابنة خاله، وربما عانقها أو قبلها أو خلا بها جرياً على عادة القبيلة وتقاليد العائلة الجاهلية.
وأما في محيط العمل المختلط فحدث ولا حرج ،من المصافحة والممازحة ،وتلامس الأيدي حال الأخذ والعطاء وربما تلامست الأرجل حال الجلوس في مكاتب الاستقبال أو غيرها.
ألا فليتق الله أولئك قبل أن يفجأهم الموت ،ويعاينون ما كانوا يوعدون حيث لا ينفع ندم، ولا اعتذار.
11. أمرها بألا تتوسط الطريق في المشي كما ذكره الإمام بن كثير رحمه الله تعالى [49] بل ثبت عند ابن حبان قوله عليه السلام : (( ليس للنساء وسط الطريق )) ، فإمعاناً في صيانة المرأة شرع لها أن تأخذ أحد جانبي الطريق ، ولا تتوسطه إبعاداً لها عن مزاحمة الرجال وتعرضها للأذى ، فتأمل هذا يا أخي المسلم ، ثم انظر كيف آل إليه أمر النساء حيث ملأن الشوارع والأسواق وركضن ، وهرولن جنباً إلى جنب مع الرجال الأجانب ، بحثاً عن الرشاقة ، وتخسيس الشحوم ،بعد أن خفت العقول وذابت القيم والله المستعان .
المبحث الرابع
عمل المرأة خارج البيت حكمه, شروطه, ضوابطه
تقرر- فيما تقدم - أنّ الأصل هو بقاءُ المرأة داخل بيتها ،وعدم خروجها إلاّ لحاجة ،وهذا أمرٌ نصّ عليه القرآن الكريم بقوله تعالى:"وقرن في بيوتكم ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى"
فالخروج استثناء من الأصل، لا يكون إلاّ لحاجة تستدعيه ،وهنا يكون محلُّ البحث والتساؤل ،هل خروج المرأة للعمل حاجة فيجوز أم لا؟ وإذا سلّمنا أنّ الحاجة ماسّة إليه ، فما شروطه وضوابطه؟
قبل بيان هذه المسألة ،ينبغي أن نؤكد ما قررناه قبل قليل ،أنَّ الخروج لا يكون إلّا لحاجة من خلال ذكر هذه الحادثة الثابتة في الصحيح ، فعن عائشة ـ رضي الله عنهاـ قالت:"خرجت سودة (رضي الله عنها) ليلة لحاجتها قبل نزول الحجاب، فرآها عمر فقال: ألا قد عرفناك يا سودة ،فانظري كيف تخرجين ـ طمعاً في نزول الحجاب ـ فانكفأت راجعة فدخلت علي في بيتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندي في ليلتي يتعشى ، وفي يده عرق فقالت : يا رسول الله، إني خرجت لحاجتي فقال لي عمر :كذا وكذا ،فنزل عليه الوحي والعرق في يده ،فلما سُرِّي عنه قال :إن الله قد أذن لكن ، أن تخرجن لحاجتكن" [50] فقيد الوحي الخروج بالحاجة ،وهذا ظاهر كما ترى
وعوداً على بدء ، هل خروج المرأة للعمل حاجة؟ وما شروطه وضوابطه؟
إن المُسلِّم بما وضعه وسنه الشارع من التشريعات الحكيمة ، التي تكفل للمرأة حقها في العيش الكريم ،لا يتردد بالقول بأنَّ خروج المرأة للعمل ، ليس بحاجة أصلاً متى أدركنا ما يلي:
1. الأصل الإنفاق على المرأة وإغنائها عن التكسب:
فيجب على الأب الإنفاق على أولاده ذكوراً وإناثاً بحسب القدرة والطاقة ، ووعد الشارع عائل الإناث خاصة ،بثواب عظيم ،فقد أخرج مسلمٌ وغيره من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ:"من ابتلي بشيء من البنات فأحسن إليهن ،كنَّ له ستراً من النار"[51]
قال ابن المنذر:"أجمع كلُّ من نحفظ عنه من أهل العلم على أنّ على المرء نفقة أولاده الأطفال ،الذين لا مال لهم، ولأن ولد الإنسان بعضه، وهو بعضُ والده، فكما يجب عليه أن ينفق على نفسه وأهله ،كذلك على بعضه وأصله"[52]
ثم إذا تزوجت المرأةُ وخرجت من بيت أبيها إلى بيت الزوجية،وجب إنفاق الزوج على زوجته لقوله تعالى:"لينفق ذو سعة من سعته" ،الطلاق 7 وقوله:"وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" ،البقرة 233 ولحديث هند بنت عتبة الذي أخرجه الشيخان قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح ،لا يعطيني ما يكفيني أنا وولدي، فهل آخذ من ماله بغير إذنه؟ فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)) [53] وقال عليه الصلاة والسلام:"إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه فإن فضل فعلى عياله.."[54]الحديث
وروى البغوي بإسناده عن أبي الزناد سألت سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال: يُفرق بينهما قال أبو الزناد: فقلت سُنَّة؟ فقال سعيد: سُنَّة. قال الشافعي: والذي يشبه قول سعيد: سُنَّة أن يكون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مالك: وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا، قال شعيب: الأثر في مسند الشافعي 2/420 وإسناده صحيح [55]
إذاً فتدابير الإنفاق على المرأة منذ ولادتها، وحتى انتقالها إلى بيت زوجها ،هي تدابير محكمة لصون المرأة عن الخروج طلباً للاسترزاق والتكسب تحقيقاً للمبدأ الأصيل وهو القرار في البيت كما سبق بيانه.
بل إن قرارها في البيت واجب حتى عند طلاقها من زوجها كما في قوله تعالى:"لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة" الطلاق 1.
ومن لطائف النكت هنا نسبة البيوت لهن ،مع أنها في الأصل ملك للأزواج ،وفي هذا إشعار بمدى عناية الشارع الحكيم بقضية ربط المرأة في البيت ، واعتباره مكانها الرئيس وكيانها الآمن.
2. أن الأصل في تعليمها ما تحتاجه من العلوم الشرعية يكون في البيت
قال تعالى:"واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً" الأحزاب : 34 ،ففي الآية الكريمة وصف دقيق للكيفية، التي كان يتبعها نبينا عليه السلام في تعليم نسائه، فقد كان يعلمهن الكتاب أي القرآن، والحكمة أي السنة في البيوت، إذ هي المحا ضن الرئيسة للتعليم الآمن الخالي من المحاذير.
وقد رأينا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأزواج أصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين، نلن القَدْح المُعلّى من العلم الشرعي دون أن يخرجن من بيوتهن من أجله، طالما قام بالمهمة ولي المرأة من أب أو زوج.
وليس جهل الولي بالعلم وعجزه عن بذله لنسائه بمبرر للخروج ،سيما في هذا العصر إذ قد توفرت وسائل العلم وأدواته، وأصبح في الإمكان تلقي دروس العلماء مسجلة أو عبر البث المباشر عن طريق الشبكة العنكبوتية ،ناهيك عن انتشار الكتب وسهولة اقتنائها ،وتوفر وسائل الاتصال بأهل العلم واستفتائهم مباشرة.
ولذا ليس من الضرورى أن تخرج لتعليم بنات جنسها متى تعلمن في البيوت,سيما وقد توفر في عصرنا هذا الدوائر التلفزيونية التي من خلالها يتم تدريس الفتيات من قبل الذكور دون حاجة للاختلاط ،وذلك عبر الصوت والصورة- إن وجدت الضرورة- ،فما المانع أن تتلقى الدارسات دروسهن في بيوتهن عبر الإذاعة وشاشة التلفاز، أم أن هذه الوسائل لا تنفع في عالمنا الإسلامي إلا في عرض الفساد بشكل منظم مدروس؟!
وهذا لا ينافى ما قررناه - سابقاً- من جواز خروجها للتعلم والتعليم متى مست الحاجة أو دعت الضرورة!
فإذا تقرر هذا عرفنا أن خروج المرأة للعمل لا يجوز إلا لحاجة شرعية أو دنيوية ،بيد أن هذا الخروج لا يصح إلا بشروط:
1. إذن وليها:
لا بد من إذن الولي كالأب أو الزوج كي تخرج المرأة للعمل، أما الأب ومن في حكمه فولايته للمرأة ولاية عامة ،كونه رب الأسرة والمتكفل بالنفقة والتربية ،بل حتى حق المرأة في النكاح لا يكون إلا بإذنه ،وولايته كما صح بذلك الحديث:"لا نكاح إلا بولي"[56] وقد تقدم بحث هذا.
2. أن تخرج متحجبة بالحجاب الشرعي غير متبرجة بزينة :
وأدلة الحجاب كثيرة ليس هذا مكان سوقها ، ومن أراد الاستزادة فلينظر ما كتبه العلامة ابن عثيمين في رسالة الحجاب والعلامة بكر أبو زيد في حراسة الفضيلة, وقد جاء في صحيح مسلم من حديث زينب الثقفية قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً"[57] فإذا كان عليه السلام قد نهى المرأة عن مس الطيب ، وهي ذاهبة إلى أفضل البقاع وأحبها إلى الله فكيف بغيرها؟
وصح عنه عليه الصلاة والسلام قال:"أيما امرأة استعطرت ثم خرجت ليجد الرجال ريحها فهي كذا وكذا أي:زانية" [58].
3. ألا تختلط بالرجال :
وهذا شرط لا يختص فقط بعمل المرأة ،بل هو عام في كل شؤونها الأخرى، فلا تختلط بالرجال حتى في صفوف الصلاة بالمساجد فضلاً عن أماكن التعليم أو الوظائف العامة أو أماكن التسوق والنزهة.
ولذا لا يباح عملها خارج البيت إلا في وسط نسائي خالص ،كتدريس أو تطبيب بنات جنسها أو العمل في مزرعتها ونحوها مما لا يعرضها إلى فتنة أو خطر.
4. ألا يكون العمل محرماً :
وهو شرط مهم يغفل عنه الكثيرات إما جهلاً أو تجاهلاً ، فالعمل في قطاع البنوك الربوية محرم شرعاً حتى وإن أذن فيه الزوج ،وخلا من الاختلاط لقوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين"البقرة 278 وقوله سبحانه :" وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان " المائدة 2وقوله عليه السلام:"لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء" [59]
ومثل ذلك العمل في نمص النساء أو قص رؤوسهن مثل الرجال ،وكالوشم ونحوه لقوله عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه:"لعن الله النامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة.."[60]
ويدخل في العمل المحرم على المرأة مزاولته ، ما كان مختصاً بالرجال كالإمامة الكبرى أو القضاء أو الأذان, أو ما كان فيه امتهان للمرأة أو خروج عن طبيعتها ،كالعمل في كنس الشوارع أو ما تشبهت فيه بالرجال كالأعمال الشاقة مثل أعمال البناء ونحوها.
وذلك لما في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال"[61]
· أما الإمامة العظمى
فقد اتفق فقهاء الإسلام على عدم جواز تولي المرأة لمنصب الإمامة العظمى, لعموم قوله تعالى:"الرجال قوامون على النساء" وقوله عليه السلام:"لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"[62].
· و قد جمع الدكتور سامي الدلال أقوال أهل العلم في تحريم تولي المرأة الولايات العامة ،وإليك نص ما جمعه جزاه الله خيراً:
1- ابن حزم قال في "المحلى" في كتاب الإمامة: (ولا تحل الخلافة إلا لرجل من قريش ومنع ما سوى ذلك، ومنهم الصبي والمرأة، فقال: وأما من لم يبلغ والمرأة فلقول النبي e :(رفع القلم عن ثلاث)، فذكر الصبي، ثم ساق حديث أبي بكرة بلفظ " لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة) وقال في الفصل في الملل والأهواء والنحل :(وجميع فرق أهل القبلة ليس منهم أحد يجيز إمامة المرأة).
2- الإمام الجويني، نقلنا قوله: (فما نعلمه قطعاً، إن النسوة لا مدخل لهن في تخير الإمام وعقد الإمامة) فإن كان لا مدخل لهن في التخير، فمن باب أولى أن لا يكن لهن مدخل إلى منصب الإمامة، ولذلك عندما ذكر الإمام الجويني شروط الإمام قال: (ومن الصفات اللازمة المعتبرة الذكورة والحرية، و العقل والبلوغ)
3- أبو حامد الغزالي قال في: (فضائح الباطنية)وهو يعدد شروط الإمام( الرابعة: الذكورية، فلا تنعقد الإمامة للمرأة وإن اتصفت بجميع خلال الكمال وصفات الاستقلال، وكيف تترشح امرأة لمنصب الإمامة وليس لها منصب القضاء ولا منصب الشهادة في أكثر الحكومات).
4- الإمام البغوي: قال في (شرح السنة): (اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إماماً ولا قاضياً، لأن الإمام يحتاج إلى البروز لإقامة أمر الجهاد والقيام بأمور المسلمين، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات، والمرأة عورة لا تصلح للبروز، وتعجز لضعفها عند القيام بأكثر الأمور، ولأن المرأة ناقصة، والإمامة والقضاء من كمال الولايات، فلا يصلح لها إلا الكامل من الرجال) قال ذلك في شرحه لحديث( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).
5- الإمام القاضي ابن رشد القرطبي قال (بداية المجتهد ونهاية المقتصد): (فأما الصفات المشترطة في الجواز يعني فيمن يجوز قضاءه فأن يكون حراً مسلماً بالغاً ذكراً عاقلاً عدلاً ) ثم قال: (فمن رد قضاء المرأة شبهه بقضاء الإمامة الكبرى) فإذا كان ذلك ممتنعاً لولاية القضاء فمن باب أولى امتناعه للولاية العامة.
6- ابن قدامة قال في (المغني): (جملته أن يشترط في القاضي ثلاثة شروط: أحدها الكمال، وهو نوعان، كمال الأحكام وكمال الخلقة. أما كمال الأحكام فيعتبر في أربعة أشياء: أن يكون بالغاً، عاقلاً، حراً، ذكراً..) ثم رد على ابن جرير في عدم اشتراطه الذكورية فقال: ولنا قول النبي e ( ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة )ولأن القاضي يحضره محافل الخصوم والرجال، ويحتاج فيه إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة، والمرأة ناقصة العقل قليلة الرأي، ليست أهلاً للحضور في محافل الرجال) ثم قال: (ولا تصلح للإمامة العظمى ولا لتولية البلدان، ولهذا لم يول النبي e ولا أحد من خلفائه، ولا من بعدهم امرأة قضاء ولا ولاية بلد فيما بلغنا، ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان غالباً).
7- الإمام القرطبي قال في تفسيره الشهير (الجامع لأحكام القرآن): وأجمعوا على أن المرأة لا يجوز أن تكون إماماً، وإن اختلفوا في جواز كونها قاضية فيما تجوز شهادتها فيه).
8- الإمام العز بن عبد السلام قال في (قواعد الأحكام). (ولا يليق بالرجال الكاملة أديانهم وعقولهم أن تحكم عليهم النساء لنقصان عقولهن وأديانهن، وفي ذلك كسر لنخوة الرجال و غلبة المفاسد فيما يحكم به النساء على الرجال، وقد قال عليه الصلاة والسلام :( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).
9- الإمام النووي قال في (مغني المحتاج) :فلا تولى امرأة لقوله e :( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) ، لأن النساء ناقصات عقل ودين.
10- الإمام الخطابي قال : (الحديث ـ يقصد حديث لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ـ أن المرأة لا تلي الإمارة ولا القضاء) نقله عنه الحافظ ابن حجر في الفتح .
11- الإمام الشوكاني: قال في (نيل الأوطار): قوله :( لن يفلح قوم ) الخ، فيه دليل على أن المرأة ليست من أهل الولايات، ولا يحل لقوم توليتها، لأن تجنب الأمر الموجب لعدم الفلاح واجب) .
وقال في ( السبيل الجرار): (وأما كونه ذكراً ـ أي الإمام ـ فوجهه أن النساء ناقصات عقل ودين، كما قال رسول الله e ، ومن كان كذلك لا يصلح لتدبير أمر الأمة، ولهذا قال e فيما ثبت عنه في الصحيح( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) .
12- الإمام الصنعاني: قال في (سبل السلام) بعد أن أورد حديث ـ لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ـ (فيه دليل عل عدم جواز توليه المرأة شيئاً من الأحكام العامة بين المسلمين، وإن كان الشارع قد أثبت لها أنها راعية في بيت زوجها) ثم قال: (والحديث إخبار عن عدم فلاح من ولي أمرهم امرأة ، وهم منهيون عن جلب عدم الفلاح لأنفسهم، بل مأمورون باكتساب ما يكون سبباً للفلاح
13- الإمام القرافي قال في (الذخيرة): (لم يسمع في عصر من الأعصار أن امرأة وليت القضاء، فكان ذلك إجماعاً، لأنه غير سبيل المؤمنين .. وقياساً على الإمامة العظمى)
14- الشيخ سيد سابق قال في (فقه السنة): (فلا يصح قضاء المقلد ولا الكافر ولا الصغير ولا المجنون ولا الفاسق ولا المرأة لحديث أبي بكرة). ثم ذكر حديث، (لن يفلح قوم ولا أمرهم امرأة) (103).
15- الإمام النيسابوري قال في (الإجماع ): (وأجمعوا على أن شهادتهن لا تقبل في الحدود).فكيف تلي عامة وشهادتها في الحدود مردودة؟
16- الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام قال في: (توضيح الأحكام): (الحديث صريح ـ يقصد حديث أبي بكرة: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ـ عدم صحة ولاية المرأة، وأن الامة التي توليها لن تصلح في أمور دينها ولا في أمور دنياها وعدم صحة ولايتها هو مذهب جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي أحمد، وذهب الحنفية إلى جواز توليتها الأحكام إلا الحدود، وقولهم مصادم للنص وللفطرة الربانية) أ.هـ بتصرف
وأما الإمارة:
أي إمارة بلدة أو إقليم أو منطقة معينة داخل نطاق الدولة فهو كذلك ممنوع شرعاً لذات الأدلة القاضية بمنعها من الإمامة العظمى لا كبير فرق بينهما, ولما تتطلبه الوظيفتان من الاختلاط بالرجال ومناقشة أحوال الرعية والسفر إلى مكان آخر، واستقبال الضيوف الوافدين من الدول الأخرى وتوديعهم وغيرها مما هو معلوم قبحه في حق النساء.
وأما الوزارة:
فهي كذلك كسابقتها لا يحل إسنادها للمرأة لذات الأدلة ، بل إن الوزارة في هذا العصر خاصة قد تفوق في أهميتها وحساسيتها الإمارة.
لكن لو فرض وجود إدارة أو جهة معينة تعنى بشؤون النساء فقط ، وتتولى أمورهن فربما يقال بجواز تولي المرأة هذه الإدارة ، طالما أن علاقتها الوظيفية واتصالها الإداري مقصور على بنات جنسها.
· وأما القضاء:
فذهب جماهير أهل العلم إلى اشتراط جنس الذكورة لتولي القضاء ،وهو رأي المالكية والشافعية والحنابلة وجمع من الحنفية منهم زفر بل حتى أبو حنيفة ، فإن المرأة عنده تلي الحكم فيما يجوز فيه شهادة النساء فقط [63] وهذا القول أعني اشتراط جنس الذكورة لتولي القضاء هو الصواب ، لعموم قوله تعالى " الرجال قوامون على النساء.." النساء 34وقوله عليه السلام:"لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة".
فإذا كانت المرأة لا قوامة لها في بيت الأسرة الصغير، فكيف تكون لها قوامة على المجتمع كله بتوليتها القضاء ، بل إن المرأة لا تقبل شهادتها في الحدود فكيف تكون قاضية؟!
بل قد ذكر الماوردي الإجماع على منع المرأة من القضاء فقال:" وشذ ابن جرير الطبري فجوز قضائها في جميع الأحكام ، ولا اعتبار بقول يرده الإجماع"[64].
قلت:قد نفى ابن العربي نسبة هذا القول إلى الطبري فقال:"ونقل عن محمد بن جرير أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية ، ولم يصح ذلك عنه.."[65]
· عضوية مجلس الشورى:
يحرم على المراة أن تدخل مجلس الشورى أو تكون عضوة فيه، ذلك أن الشورى ضرب من الولايات العامة التي هي من خصائص الرجال ،كما تقرر بالأدلة السابقة ،فضلاً عن وجود ذات المحاذير المترتبة على كونها أميرة إقليم أو وزيرة ،من اختلاطها بالرجال وسفرها من بلد إلى آخر وخوضها في أحاديث مع الرجال وإهمالها لبيتها وأولادها.
ولم يحدث في عصور الإسلام المتتابعة أن دخلت المرأة مع الرجال مجال الشورى ، رغم مرور الحوادث والنوازل العظيمة ،ورأسها استخلاف الصديق رضي الله عنه مع وجود سائر أمهات المؤمنين أعلم نساء الأمة واتقاهن.
قال الجويني:"فمما نعلمه قطعاً أن النسوة لا مدخل لهن في تخير الإمام وعقد الإمامة فإنهن ما روجعن قط، ولو استشير في هذا الأمر امرأة لكان أحرى النساء وأجدرهن بهذا الأمر فاطمة، ثم نسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ،ونحن بابتداء الأذهان نعلم أنه ما كان لهن في هذا المجال مخاض في منقرض العصور وكر الدهور"[66]
ويمكننا تلخيص أسباب المنع فيما يلي:
1. أن الشورى عبر مجالسها المحددة من قبل ولي الأمر هو ضرب من الولايات العامة ،ولا يجوز للمرأة أن تتولى شيئاً منها.
2. أن العمل خلال القرون المفضلة وما بعدها إلى عهد قريب معاصر كان منع المرأة من دخول مجلس الشورى، فهي سنة ماضية والخروج عليها بدعة محدثة.
3. أن قاعدة ((سد الذرائع ))لها أعظم اعتبار في هذه المسألة المهمة ، ذلك أن ما يترتب على دخول مجالس الشورى، يعني فتح باب التبرج والسفور والاختلاط بالرجال، والمشاركة في اللجان الفرعية وغيرها ، والسفر إلى الخارج لزيارة المجالس البرلمانية الأجنبية واستقبالها.
4. أن قاعدة ((درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)) لها أعظم اعتبار كذلك في مسألتنا هذه، فإنه لو قدر وجود مصلحة ما من مشاركة النساء في الشورى ،فإن ذلك لا يعدل المفاسد الكثيرة المترتبة على مشاركتهن ،ومنها إهمال العمل الأصلي في البيت, وضياع حقوق الأولاد والزوج وتحقق وقوع الفتنة سيما مع ضعف التدين وشيوع التبرج.
· شبهة وردها:
وأما ما يزعمه البعض أن النبي صلى الله عليه وسلم شاور أم سلمة رضي الله عنها يوم الحديبية، حين تأخر الناس عن نحر الهدايا والتحلل [67] من العمرة، فهذه حادثة عين لم يترتب عليها إنشاء مجلس شورى وتحديد أعضائه ،واحتلال مقعد بجوار الرجال، أو حتى في مجلس مجاور، وإنما هو حكاية أمر واقع من قبل نبينا عليه السلام لزوجه أم سلمة في خبائها المصون، فأين هذا ومجالس الشورى بكيفياتها وأنظمتها المعقدة؟!
ثم إنّ سياق القصة لا يدل على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم استشار أم سلمة ولكنها هي التي ابتدأته برأيها الشخصي وهذا لا ننازع فيه أصلاً.
وأما مشاورة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه للناس في شأن عثمان وعلي رضي الله عنهم حتى شاور العذارى في خدورهن ،فهذه حادثة عين تتعلق باختيار الإمام الأعظم المرشح أصلاً من قبل الإمام الأعظم أيضاً وهو عمر.
فعمر كان قد خصّ الإمارة في النفر الستة ،فلما توقف الأمر على عثمان وعلي كان من تمام ورع وعدل ابن عوف أن يشاور حتى النساء في خدورهن ،ليطمئن على سلامة الاختيار بكيفية لم تتطلب مجالس شورى أو انتخابات برلمانية أو طقوس وأنظمة محدثة.
5. ألا يترتب على عملها خارج البيت تفويتها لما هو واجب:
من أهم وظائف المرأة ومهامها رعاية أولادها في البيت ،والقيام على شوؤنهم ومتطلبات بقائهم وسلامتهم، وبناءً عليه فليس لها حق إضاعة أولادها وإهمالهم بدعوى الخروج للعمل، إلا إذا استوفت شروط الخروج، وأقامت بديلاً لها لأداء مهمة رعاية الأطفال والذرية ممن تبرأ به الذمة.
ويدل على ذلك حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ المتفق عليه:"والمرأة راعية في بيت زوجها ومسوؤلة عن رعيتها" [68]
وأختم هذا المبحث بفتوى لسماحة والدنا وشيخنا العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن بازـ رحمه الله [69]ـ:
(إن الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال المؤدي إلى الاختلاط ،سواء كان ذلك على جهة التصريح أو التلويح، بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر ومتطلبات الحضارة أمر خطير جداً ،له تبعاته الخطيرة وثمراته المرة وعواقبه الوخيمة، رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها، والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه, ومن أراد أن يعرف عن كثب ما جناه الاختلاط من المفاسد التي لا تحصى، لينظر إلى تلك المجتمعات التي وقعت في هذا البلاء العظيم اختياراً أو اضطراراً، بإنصاف من نفسه وتجرد للحق عما عداه ،يجد التذمر ـ على المستوى الفردي والجماعي- والتحسر على انقلاب المرأة من بيتها وتفكك الأسر، ونجد ذلك واضحاً على لسان الكثير من الكتاب بل في جميع وسائل الإعلام، وما ذلك إلا أن هذا هدم للمجتمع وتقويض لبنائه.
والأدلة الصحيحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله أدلة كثيرة قاضية بتحريم الاختلاط لأنه يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
و إخراج المرأة من بيتها الذي هو مملكتها ومنطلقها الحيوي في هذه الحياة إخراج لها عما تقتضيه فطرتها وطبيعتها التي جبلها الله عليها.
فالدعوة إلى نزول المرأة إلى الميادين التي تخص الرجال أمر خطير على المجتمع الإسلامي، ومن أعظم آثاره الاختلاط الذي يعتبر من أعظم وسائل الزنا الذي يفتك بالمجتمع ويهدم قيمه وأخلاقه.
ومعلوم أن الله تبارك وتعالى جعل للمرأة تركيباً خاصاً ،يختلف تماماً عن تركيب الرجل هيأها به للقيام بالأعمال التي في داخل بيتها والأعمال التي بين بنات جنسها".
ومعنى هذا أن اقتحام المرأة لميدان الرجال الخاص بهم، يعتبر إخراجاً لها عن تركيبها وطبيعتها، وفي هذا جناية كبيرة على المرأة وقضاء على معنوياتها وتحطيم لشخصيتها، ويتعدى ذلك إلى أولاد الجيل من ذكور وإناث لأنهم يفقدون التربية والحنان والعطف، فالذي يقوم بهذا الدور وهو الأم ،قد فصلت منه وعزلت تماماً عن مملكتها التي لا يمكن أن تجد الراحة والاستقرار والطمأنينة إلا فيها، وواقع المجتمعات التي تورطت في هذا أصدق شاهد على ما نقول.
والإسلام جعل لكل من الزوجين واجبات خاصة على كل واحد منهما، وأن يقوم بدوره ليكتمل بذلك بناء المجتمع في داخل البيت وفي خارجه؛ فالرجل يقوم بالنفقة والاكتساب والمرأة تقوم بتربية الأولاد والحنان والرضاعة والحضانة، والأعمال التي تناسبها لتعليم الصغار وإدارة مدارسهن والتطبيب والتمريض لهن، ونحو ذلك من الأعمال المختصة بالنساء.
فترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر ضياعاً للبيت بمن فيه، ويترتب عليه تفكك الأسرة حسياً ومعنوياً، وعند ذلك يصبح المجتمع شكلاً وصورة لا حقيقة ومعنى.
قال الله جل وعلا {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم} [سورة النساء: 34].
فسنة الله في خلقه أن القوامة للرجل على المرأة وللرجل فضل عليها ،كما دلت الآية الكريمة على ذلك، وأمر الله سبحانه وتعالى للمرأة بقرارها في بيتها ونهيها عن التبرج معناه: النهي عن الاختلاط وهو: اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد بحكم العمل أو البيع أو الشراء أو النزهة أو السفر أو نحو ذلك، لأن اقتحام المرأة في هذا الميدان يؤدي بها إلى الوقوع في المنهي عنه، وفي ذلك مخالفة لأمر الله وتضييع لحقوق الله المطلوب شرعاً من المسلمة أن تقوم بها.
والكتاب والسنة دلا على تحريم الاختلاط ،وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه قال الله جل وعلا: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا* واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً} [الأحزاب: 33، 34].
فأمر الله أمهات المؤمنين ـ وجميع المسلمات والمؤمنات داخلات في ذلك ـ بالقرار في البيوت لما في ذلك من صيانتهن وإبعادهن عن وسائل الفساد، لأن الخروج لغير حاجة قد يفضي إلى التبرج ،كما يفضي إلى شرور أخرى ، ثم أمرهن بالأعمال الصالحة التي تنهاهن عن الفحشاء والمنكر، وذلك بإقامتهن الصلاة وإيتائهن الزكاة وطاعتهن لله ولرسوله e... ،ثم وجههن إلى ما يعود عليهن بالنفع في الدنيا والآخرة، وذلك بأن يكن على اتصال دائم بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية المطهرة ، اللذين فيهما ما يجلو صدأ القلوب ويطهرها من الأرجاس والأنجاس ، ويرشد إلى الحق والصواب.
وقال الله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً} [الأحزاب: 59].
فأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام وهو المبلغ عن ربه ـ أن يقول لأزواجه وبناته وعامة نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ، وذلك يتضمن ستر باقي أجسامهن بالجلابيب ،وذلك إذا أردن الخروج لحاجة لئلا تحصل لهن الأذية من مرضى القلوب، فإذا كان الأمر بهذه المثابة فما بالك بنزولها إلى ميدان الرجال واختلاطها معهم ، وإبداء حاجتها إليهم بحكم الوظيفة ، والتنازل عن كثير من أنوثتها لتنزل في مستواهم، وذهاب كثير من حيائها ليحصل بذلك الانسجام بين الجنسين المختلفين معنى وصورة.
قال الله جل وعلا: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذي لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور:29 ـ 30].
يأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يبلغ المؤمنين أن يلتزموا بغض البصر وحفظ الفرج عن الزنا، ثم أوضح سبحانه أن هذا الأمر أزكى لهم، ومعلوم أن حفظ الفرج من الفاحشة إنما يكون باجتناب وسائلها، ولاشك أن إطلاق البصر واختلاط النساء بالرجال والرجال بالنساء في ميادين العمل وغيرها، من أعظم وسائل وقوع الفاحشة، وهذان الأمران المطلوبان من المؤمن يستحيل تحققهما منه، وهو يعمل مع المرأة الأجنبية كزميلة أو مشاركة في العمل له، فاقتحامها هذا الميدان معه أو اقتحامه الميدان ، لا شك أنه من الأمور التي يستحيل معها غض البصر وإحصان الفرج والحصول على زكاة النفس وطهارتها.
"وهكذا أمر الله المؤمنات بغض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة إلا ما ظهر منها ،وأمرهن الله بإسدال الخمار على الجيوب المتضمن ستر رأسها ووجهها لأن الجيب محل الرأس والوجه، فكيف يحصل غض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة عند نزول المرأة ميدان الرجال واختلاطها معهم في الأعمال؟!
و الاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير, وكيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها، وهي تسير مع الرجل الأجنبي جنباً إلى جنب بحجة أنها تشاركه في الأعمال أو تساويه في جميع ما يقوم به!!
والإسلام حرم جميع الوسائل والذرائع الموصلة إلى الأمور المحرمة، كما حرم على النساء خضوعهن بالقول أمام الرجال لكونه يفضي إلى الطمع فيهن كما في قوله عز وجل: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} [الأحزاب: 32].
يعني مرض الشهوة، فكيف يمكن التحفظ من ذلك مع الاختلاط؟
ومن البديهي أنها إذا نزلت إلى ميدان الرجال لابد أن تكلمهم وأن يكلموها ولابد أن ترقق لهم الكلام وأن يرققوا لها الكلام !!
والشيطان من وراء ذلك يزين ويحسن ويدعو إلى الفاحشة حتى يقعوا فريسة له، والله حكيم عليم حيث أمر المرأة بالحجاب ، وما ذلك إلا لأن الناس فيهم البر والفاجر والطاهر والعاهر، فالحجاب يمنع ـ بإذن الله ـ عن مظان التهمة، قال الله عز وجل: {وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب ذلكم طهر لقلوبكم وقلوبهن...} الآية [الأحزاب: 53].
وخير حجاب المرأة بعد حجاب وجهها وجسمها باللباس هو بيتها ،وحرم عليها الإسلام مخالطة الرجال الأجانب لئلا تعرض نفسها للفتنة بطريق مباشر أو غير مباشر، وأمرها بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة مباحة مع لزوم الأدب الشرعي. وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قراراً ،وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها وتعريضها لما لا تحمد عقباه، ونهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم وعن السفر إلا مع ذي محرم سداً لذريعة الفساد وإغلاقاً لباب الإثم وحسماً لأسباب الشر وحماية للنوعين من مكايد الشيطان، ولهذا صح عن رسول الله e أنه قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"[70]، وصح عنه e أنه قال: "اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"[71].أ.هـ بتصرف [72]


المبحث الخامس
الآثار المترتبة على خروجها للعمل
لقد أفرزت تجارب الأمم المعاصرة على وجه الخصوص نتائج فادحة ،ترتبت على خروج المرأة من بيتها إلى العمل، ويمكن تلخيص تلك النتائج والآثار الوخيمة فيما يلي :
1. شيوع الاختلاط:
لقد كان الاختلاط في مقدمة الآثار الوخيمة لخروج المرأة من بيتها إلى العمل ، فالمستشفيات وقطاع الإعلام والنقل الجوي والمؤسسات العامة والخاصة وحقل التعليم ،لا تزال أماكن تكتظ بالاختلاط الخبيث بصورة مقززة ، حيث لم يعد غريباً أن تجتمع المرأة والرجل في حجرة واحدة ومكتبين متلاصقين دون حسيب أو نكير من أحد .
ومعلوم أن الاختلاط هو البوابة الأولى نحو فاحشة الزنا، سيما مع نشوء الصداقة وزمالة العمل حيث يسقط حاجز الخوف أو التردد ،ويذوب الحياء تدريجياً فتنشأ العلاقة الآثمة ،ومن ثم تنحدر الأمة برمتها في مستنقع الرذيلة ،ويصبح الناس عبيداً لشهواتهم وملذاتهم فتنهار قواهم عند أدنى فتنة أو تحد خارجي فيكونون بذلك لقمة سائغة للعدو المتربص في ساعات النزال الأولى, ذلك أنّ الأمة المترفة الغارقة فى بحر شهواتها لا تستحق نصراً ولا يليق بها بقاء !!.
قال العلامة بكر أبو زيد :" وقد علم تاريخياً أن الاختلاط من أقوى الوسائل لإذلال الرعايا وإخضاعها، بتضييع مقومات كرامتها وتجريدها من الفضائل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم .
كما نعلم تاريخيا أن التبذل والاختلاط من أعظم أسباب انهيار الحضارات وزوال الدول ،كما كان ذلك لحضارة اليونان والرومان[73].
وفيما يلي بعض الحوادث والقصص الواقعية الناتجة عن الاختلاط
يروي المفتش هاملتون هذه الحادثة فقد أبلغ بأن أحد مدراء المطاعم لا يعطي الوظيفة للفتيات إلا بعد موافقتهن على اقتسام الفراش معه. فقام بإعطاء إحدى المتقدمات للعمل مسجلاً صغيراً.. و طلب منها أن تتقدم إليه طالبة العمل، وإليك مقتطفات مما دار بينهما من حديث:
المـدير: هل تركت المدرسة لتوك؟
المتقدمة: نعم أنهيت الفصل الصيفي.
المـدير: ستذهبين مرة أخرى في الخريف.
المتقدمة: لست واثقة من ذلك.. لأن علي أن أنتقل من منزلي (نتيجة لطرد أبويها لها).
المـدير: هل أنت مضطرة للعمل.
المتقدمة: نعم.
المـدير: سأعطيك نموذج الطلبات لتملئينه فيما بعد والآن هل تسمحين لي ببعض الأسئلة الشخصية.
المتقدمة: تفضل ما بدا لك.
المـدير: ما هو هدفك في الحياة؟
المتقدمة: في الحقيقة ليس لي هدف.
المـدير: هل تريدين أن تعملي طوال حياتك أم أنك تريدين الزواج؟
المتقدمة: لا.. أفضل أن أعمل طوال حياتي واستمتع بحياتي.
المـدير: أنت رومانسية إذن.
المتقدمة: نعم.
المـدير: هل لك مجموعة من العشاق (البوي فريندز) أم عشيق واحد مستمر.
المتقدمة: لا ليس لي عشاق.. وإنما عندما أشعر بالحاجة إلى الذهاب مع أحدهم أذهب معه.
المـدير: لا تكوني مضطربة ولا قلقة.. ولكني رجل قذر "نعم" إن عليك أن تساعديني في الطبخ وسأتركك في المطبخ لوحدك بدون معونة.. ولا تجعلي الزيت يحرق جلدك.
المتقدمة: أنا مستعدة لعمل أي شيء.. أعطني فرصة.
المـدير: وعليك التنظيف وغسل الأطباق.. وأحياناً تكونين على الصندوق وأحياناً تنظفين المراحيض.. هل تعترضين على ذلك..
المتقدمة: لا.. سأفترض أنني في منزل والدتي.
المـدير: يبدو أن عليك أن تقومي بأود نفسك.
المتقدمة: نعم لقد تركت منزل والدتي وسأعيش مع بعض صديقاتي.
المـدير: هل تحبين الحفلات.
المتقدمة: نعم.
المـدير: ما رأيك في الحشيش (الماريوانا).
المتقدمة: له حسناته وسيئاته.. في الواقع لا أعرف.
المـدير: إذا رايت هنا واحداً يدخن الحشيش هل يضايقك ذلك؟
المتقدمة: لا يضايقني!.. إنه أمر لا يخصني.. إنه أمر تراه في كل مكان.
المدير: ماذا تقولين إذا قلت لك سأعطيك الوظيفة بشرط أن تنامي معي؟
المتقدمة: إن ذلك يعتمد هل ذلك بصورة دائمة أم مرة واحدة فقط؟
المـدير: لا اعرف؟ لكن ما أهمية ذلك؟ إني لا أقول لك كل يوم.. يكفيني مرة واحدة في الأسبوع ما رأيك؟
المتقدمة: لا بأس بذلك.
المـدير: هل نقفل الباب ونتكلم في هذا الموضوع بالتفصيل؟
المتقدمة: لا يهم.
المـدير تعالي إذن.. إنك حقاً لجميلة.
المتقدمة: شكراً.
المـدير: ولديك ساقان جميلتان.
المتقدمة: شكراً.
المـدير: إنني سأستأجرك للعمل هنا ولن تمانعي طبعاً في الخدمات الجانبية الا يضايقك ذلك؟
المتقدمة: لا.
المـدير: ما رأيك في قبلة الآن؟
المتقدمة: إنني مضطربة الآن.
المـدير: لا بأس.. متى نجتمع؟
المتقدمة: متى ما تريد؟
المـدير: بأسرع وقت ما رأيك الساعة الثانية بعد الظهر.
وعندما القي القبض على هذا المـدير بتهمة الابتزاز الجنسي أطلق صاحب العمل سراحه بكفالة.. والغريب حقاً أن لا أحد يرى فيما فعل أي جريمة.. حتى الشرطة ورجال القانون.. لم يروا في ذلك ابتزازاً.. إن الجميع يرون ذلك أمراً روتينياً لا غبار عليه.. وعندما قدم للمحكمة حكم عليه بغرامة مالية قدرها 125دولاراً فقط!!. وأطلق سراحه على الفور.
وتقول لين فارلي:
إذا كانت المرأة تقبل من نفسها أن تكون صيداً جنسياً فإن من حق الرجال أن يصطادوا..
"و لكن المرأة العاملة تجد نفسها مضطرة إلى الرضوخ لرغبات رئيسها الجنسية لأنها لا تجد العمل ابتداء إلا بالموافقة على نزواته.. ولا يمكنها الاستمرار في العمل إلا بالاستمرار في الرضوخ حتى يكون هو الذي ملها، فعندئذ يختلق أي عذر ليستبدلها بغيرها..
وقد يكون من المفيد أن يدرك القارئ الكريم أن على الفتاة إذا بلغت سن السادسة عشرة مغادرة منزل والديها، وتبحث عن عمل لأن الوالدين لا يستطيعان الإنفاق عليها ،وإنّ عليها أن تعيش من دخلها وهذه إحدى بدع!! المساواة التي يزخر بها المجتمع الأمريكي والأوربي ،حيث تطرد الفتاة من منزل أمها وأبيها بعد سن الثامنة عشرة أو نحوها كما يطرد الفتى ويقال لكليهما: الآن انتهى دورنا.. عليكما أن تبحثا عن عمل تعيشان منه.. ولا شأن لنا بكما..تفضلا أخرجا من المنزل أو يمكنكما البقاء بشرط دفع أجرة السكن والأكل!!
ولا غرابة بعد ذلك أن نرى الأولاد عندما يكبرون يكيلون لآبائهم وأمهاتهم الصاع صاعين، فيموت الأب أو الأم دون أن يدرى عنه أحد !!
حتى يبدأ الجيران في الشك فيطلبون الشرطة التي تفتح أبواب المنزل عنوة لترى منظراً معتاداً، فقد توفى العجوز منذ أيام !!
والقصص في هذا الشأن كثيرة و لا تخفي على أكثر المتابعين والمطلعين على أحوال القوم .
2. تفكك الأسرة وضياع الأبناء :
إن نظام الأسرة في الإسلام قائم على وحدة الشمل,وتحديد الواجبات ,وتقسيم المهمات, فالأب مسؤول عن قيادة الأسرة وتوجيهها واكتساب المعاش, وإنفاقه على زوجته وأبنائه والأم مسؤولة عن تربية الأبناء ورعايتهم .
فإذا أخل أحد الطرفين بواجباته لسبب ما، فإن نظام الأسرة برمته يصبح معرضاً للانهيار في زمن وجيز، فحين تخرج الأم من بيتها لتعمل خارج البيت ،فلا بد من تدبير البديل الذي ينوب عنها في مهمتها الخطيرة ،وللأسف الشديد حلت " الخادمة " محل الأم العاملة واستلمت المهمة ، ومن ثم حدثت المآسي والفواجع ،وحسبك أن تدرك أن نسبة كبيرة من الخادمات يعتنقن الديانة الهندوسية أو البوذية أو النصرانية ،وجم غفير منهن متعصبات لمعتقداتهن الوثنية، ويسعين جاهدات إلى التبشير بها وتعليمها من تحت أيديهن من الأطفال الأبرياء!! .
وكان من المتوقع أن تصدر عن الأطفال الصغار تصرفات وحركات غريبة مشابهة لتلك التي يتعاطاها الخدم الوثنيون تعبيرا عن طقوسهم الدينية ،إذ أن بقاءهم تحت أيدي الخدم معظم ساعات النهار، وربما شاطروهم فراشهم ليلا وطعامهم نهارا سيؤدي بالطبع إلى قبول كل ما يصدر عنهم من حركات وتصرفات .
وأشد من هذا أحياناً استغلال هؤلاء الأطفال جنسياً ، سيما من ذوي الأعمار ما بين 4-7 سنوات تقريباً, حيث تكبر أجسامهم وتظل عقولهم عاجزة عن إدراك ما يفعله الآخرون .
ومن جهة ثانية تسبب غياب الأم عن بيتها إلى نشوء الخلافات بين الزوجين أنفسهما ،حيث أخلت الزوجة بمتطلبات زوجها وحاجته إلى الاهتمام به شخصيا وتلبية مطالبه المختلفة ،حتى لو كان مقتنعا بخروج زوجته إلى العمل لتشاطره الإنفاق على البيت، إلا أن هذا لم يمنع خروجه عن طوره في أحيان كثيرة بسبب الضغط النفسي الناشئ عن فوات حقوق كثيرة لا يمكن التغاضي عنها إلى الأبد .
وأما ضياع الأبناء الكبار فهو أمر لا يمكن تجاهله ، فأثره واضح وملامحه ظاهرة على نطاق الأسرة والمجتمع بأسره.
فكثيرا ما يخلوا الأبناء بالخادمات في البيوت، إما بسبب غيابهم عن المدرسة، أو هروبهم منها ساعات الضحى ،أو بقائهم بلا دراسة بعد الثانوية لضعف معدلاتهم المخولة لهم في دخول في الجامعات, أو عدم توفر فرص العمل بعد إتمام الجامعة أو غيرها .
وكذلك الفتيات ربما خلون بالخادمات فمارسن العهر معهن أو مع السائقين، سيما مع ضعف الوازع الديني وكثرة المغريات والفتن .
كما كان حلول الانترنت ودخوله بيوتنا فرصة للعاطلين عن الدراسة أو العمل لإبرام العلاقات مع الجنس الآخر وعقد الصداقات والمواعيد المحرمة .
3. نشوء البطالة في أوساط الرجال :
لا شك أن شغل النساء لوظائف رجالية ،يعني تفويت الفرصة عليهم لشغل تلك الوظائف ،ومن ثم زيادة نسبة البطالة في أوساطهم .
فالمركز الطبي مثلاً حين يوفر وظيفتين في ركن الاستقبال ،ثم تكلف موظفتان لشغل الوظيفتين المذكورتين، فهذا يعني بداهة حرمان العنصر الرجالي من فرصتين هم أجدر بهما منهن .
وهكذا حين تسند وظائف هنا وهناك لموظفات على حساب الرجال ،تزداد نسب البطالة وتنمو باتجاه الأعلى، ومن ثم يتعرض المجتمع بأسره إلى شفير البركان الذي لا نأمن ساعة هيجانه وثورانه.
ولعل من نافلة القول الإشارة إلى بعض آثار البطالة على المجتمع ،فيما يلي من سطور مع التأكيد على فروق رئيسة بين بطالة الرجال وبطالة النساء سيما في المجتمعات المسلمة المحافظة .
فمن هذه الآثار :
1. نشوء الحقد والكراهة على المجتمع بأسره:-
إنّ الإنسان مجبول على الطمع والأنانية والأثرة,فإذا رأى الآخرين قد حازوا الألقاب وفازوا بالمناصب، وجمعوا الأموال,وهو صفر اليدين عاطل عن العمل,فإن ذلك كفيل بنشأة النقمة الجامحة على المجتمع,وصناعة حيز كثيف من الأحقاد ضد الآخرين!
إن التجارب الأممية المعاصرة أثبتت أن استئثار فئة من المجتمع بالمناصب والثروات وحرمان الآخرين ،قد أوجد نظام الطبقيات المقيتة بكل سوءاتها الاجتماعية ومخلفاتها التصادمية ، وفي حالة المجتمعات الشيوعية والرأسمالية على حد سواء أصدق الشواهد على صحة ما نقول، فكثيراً ما تحدث حالات الاعتداء على الآخرين ،أو إتلاف الممتلكات العامة دون مبرر واضح إلا شهوة الانتقام والتنفيس عن الأحقاد الدفينة تجاه الجميع.
2.نشوء الجريمة الارتجالية والمنظمة :-
وهذه الفقرة لها أشد العلاقة بسابقتها ولكنها تزيدها توضيحاً شيئاً ما، فأقول إنّ نشأة الأحقاد لدى الطائفة الشبابية وصغار السن بالذات نتيجة شعورهم بالحرمان ، واستئثار الآخرين بالثروات دونهم مع شعورهم بقوتهم البد نية وطاقاتهم الجسمانية المعطلة ،سيدفعهم إلى استغلال قدراتهم تلك في الاستيلاء على بعض ما عند الآخرين بالقوة عبر الجريمة الارتجالية ، أو المنظمة أو حرمانهم منها من خلال تصفيتهم جسدياً ، وقد أصبحت الجريمة بشقيها الارتجالي والمنظم مصدر القلق الأول الذي يعكر صفو حياة القوم ، فوق ما هم فيه من الضنك والتعاسة ، ولا يبدو في الأفق أي بوادر انفراج في أزمة الأمن هذه بل العكس هو الصحيح ،فإن معدلات الجريمة آخذة في الارتفاع بسرعة وبنسب عالية للغاية ، سيما مع التطور المذهل في تقنية الاتصالات ، وابتكار الشبكة العنكبوتية التي سهلت لشبكات الإجرام العالمية نفث سمومها ،وعرض خبراتها وتجاربها القبيحة في مجال الجريمة والابتزاز !!
3.ارتفاع نسب الانتحار :-
لقد صاحب موجة الإلحاد العالمية التي اكتسحت ،ولا تزال أنحاء متفرقة من العالم المعاصر أن ضعف جانب الوازع الديني ،حتى عند قطاع من المسلمين المتأثرين بالثقافات الأجنبية الوافدة ،مما أدى إلى نشأة الأنماط السلوكية الشاذة ،حتى بلغ الأمر إلى تصفية الذات تصفية مباشرة بالانتحار عند وصول الضحية إلى حالة من اليأس والقنوط ،من إمكانية تصحيح وضعه الاجتماعي ، أو تحقيق شيء من آماله المعيشية والأسرية ،مما يدفعه – مع ضعف الإيمان - إلى وضع حد لحياته ومأساته بزعمه والله المستعان!
4.ارتفاع معدلات السرقة على وجه الخصوص:-
لا يشك أحد أن أقوى دوافع السرقة هو الحاجة والحرمان, فالسارق - عادة وغالباً- إنسان محتاج ومحروم - مع ضعف الديانة- ،والبطالة بلا شك واحدة من أهم أسباب ودوافع السرقة، سيما حين تعطل الحلول الشرعية الجادة القادرة على احتواء مشكلة البطالة ،وتجاوز أزمة العاطلين عن العمل بتوفير أسباب الحياة المعيشية الكريمة ،بفضل توفر السيولة المالية الكافية عبر مصرف الزكاة الشرعية، ناهيك عن رابطة التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع التي أمر بها الدين الحنيف .
5- شيوع المخدارت وانتشار المدمنين
تبقى المخدرات عدواً متفقاً عليه لدى جميع الدول -ولو من الناحية الظاهرية- ،وذلك لما لها من الآثار المدمرة للفرد والجماعة ،ومع ذلك ظلت تجارة المخدرات وتعاطيها في ازدياد مريع وسريع ،لأسباب كثيرة ليس هذا موطن ذكرها ويكفينا منها هاهنا سببان:-
أولاهما:- أن لجوء البعض الى المخدرات هو الرغبة في الهروب من الإحساس بالواقع ، وإطراح الهموم والإغراق في الخيال ونحوها من الترهات ،والأوهام التي يصنعها الشيطان في أذهان هؤلاء المساكين من فاقدي الإيمان ،واليقين برب العالمين ،وذلك كله نتيجة لحالة الفراغ والبطالة السائدة في المجتمعات، وافتقاد هؤلاء المرضى فرص العمل والاسترزاق .
ثانيهما :- الرغبة الجامحة في إيجاد مصادر دخل، بعد أن أغلق المجتمع أبواب العمل المشروع ،وقلص فرص الكسب الكريم ،وأبطل نظم التكافل الاجتماعي التي جاء بها الإسلام ،مما دفع هؤلاء إلى اقتحام مجالات تكسب غير مشروعة، فكان طريق الإتجار بالمخدرات هو أسرع الطرق إثراءً وأكثرها جاذبية.
6- العزوف عن الزواج بسبب العجز عن المئونة
لا يخفى أن الزواج في عصرنا الراهن قد أصبح مكلفاً للغاية ،بحيث لم يعد ممكنا إلا لفئة محدودة من الناس ،قادرة على النهوض بأعبائه الثقيلة أو لفئة أخرى لديها الاستعداد لتحمل الديون وإراقة ماء الوجه ،بحثاً عن مغامرين يقبلون إقراضهم لوجه الله أو تحمل أقساط شهرية باتباع طريقة التورق وغيرها.
وهذه التكاليف الباهظة للزواج أدت بالطبع إلى عزوف عام عنه، مما أدى إلى ارتفاع نسبة العوانس بشكل مثير للقلق حقاً ،فضلاً عماّ يترتب على هذه النازلة من الأزمات الأخلاقية الماحقة ،كانتشار الزنا ودور البغاء وكثرة اللقطاء عياذاً بالله ،وما يصاحب هذا وذاك من المآسي الاجتماعية والصحية وغيرها.
المبحث السادس
عمل المرأة فى بيتها وظيفة شرعية مهمة
إن من المكابرة بمكان تجاهل البعض لوظيفة المرأة الأساسية ومقرها الطبيعي ، وهي تربية الأبناء ورعاية شؤون البيت دون تدخل طرف خارجي كالخادمة أو غيرها .
وقيام المرأة بهذه المهمة عمل مهم لا يمكن التقليل من شأنه أو تهميشه ، فإيقاظ الأبناء للصلوات المفروضة ، وللذهاب إلى مدارسهم ، وإعداد طعامهم وتجهيز ملابسهم ، والعناية بنظافة البيت وإشراقته ، وتلبية مطالب الزوج المادية والنفسية وخلافها ، هي في الواقع جملة من الوظائف وليست وظيفة واحدة .
ولتوضيح ذلك نفترض بيتاً يخلو من المرأة ، إما لوفاتها أو لطلاقها مع وجود زوج وعدد من الأبناء القُصّر ، فمن يقوم بشؤون هؤلاء إذا كان الأب مشغولاً بعمله خارج المنزل ؟
فالجواب أحد هذه الاحتمالات :
1. إما أن يترك الأب عمله خارج المنزل ليقوم بالمهمة نيابة عن زوجته المتوفاة أو المطلقة مع الفارق الكبير بين أداء الطرفين .
2. وإما أن يتزوج امرأة أخرى فتقوم بذات المهمة التي كانت تقوم بها زوجته مع الفارق كذلك بين أداء الأم وزوجة الأب فليس الثكلى كالنائحة المستأجرة.
3. وإما أن يحضر خادمة للقيام ببعض شؤون البيت وهو حل أسوء من سابقيه بكثير والفرق بين أداء الأم الفقيدة وأداء الخادمة كما الفرق بين المشرقين .
4. أو يحضر طعامه وطعام الأولاد من السوق ويذهب بالملابس إلى المغسلة .....الخ مماّ يطول سرده ويكفيك من شر سماعه!
وهذه الاحتمالات لامناص منها ونتيجة طبيعية لغياب المرأة عن البيت ، وتخلفها عن القيام بعملها الأساس فيه ، بل إن ما تقوم به من أعمال تربية ورعاية وطبخ وغسيل وتنظيف يحتاج إلى بضعة أشخاص يقومون به ، وليس شخصا واحدا فقط.
فأي مصلحة إذاً أن تترك المرأة عملها الأساس في بيتها ، لتخرج مزاحمة للرجال فى مكاتبهم ومصانعهم ومتاجرهم لا لشيء ، إلا تقليداً ومحاكاةً لأقوام لا خلاق لهم ولادين!
وإذا كانت المجتمعات الغربية قد فرضت على نسائها الخروج للعمل ، بفضل أنانيتها وماديتها المقيتة وتهميشها لدور المرأة التربوي في بيتها ومع أولادها , فما بالنا نحن المسلمون نتتبع خطى هؤلاء المساكين حذو القذة بالقذة على حساب أخلاقنا ومنظومتنا الاجتماعية ، ونستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟
لقد تعالت الأصوات في الغرب اليوم تنادي بضرورة إعادة المرأة إلى مملكتها الغالية وملاذها الآمن في منزلها، بعد أن تدنت الأخلاق وانفصمت عرى الأسرة ، وضاع الأبناء على الأرصفة وداخل بيوت الخنا والدعارة ، ومن العار _ والله _ أن نقع في ذات الأخطاء التي وقع بها القوم لا لشيء إلا حب التقليد ، واقتفاء دروب الحضارة باتجاه معاكس .
فالحضارة والتقدم المدني لهما أسباب عديدة ، ليس منها خروج المرأة للعمل خارج البيت ، وهاهي دول عديدة ممّا يسمى بالعالم الثالث قد أخرجت نساءها للعمل ، وزاحمن الرجال حتى في أخص شؤونهم وفي أشق الأعمال وأخطرها ، فما رأينا تقدماً ولا لمسنا تحضراً إلا عبر يافطات عريضة للإعلان عن أفلام داعرة ، أو مسرحيات ماجنة أو مسابقات لملكات الجمال أو إن شئت قل: ملكات الرذيلة لا فرق !!


المبحث السابع
دعاوى العلمانيين لإخراج المرأة من بيتها للعمل
لدعاة تحرير المرأة وإخراجها من منزلها إلى العمل والاختلاط بالرجال مبررات مفتعلة ، وحجج واهية وشبه مردودة ، ما انفكوا يتشبثون بها ويحاولون عبثا إقناع العقلاء بجدواها، ومن ذلك:
1. الحد من العمالة الأجنبية:
يزعم العلمانيون أن الحل العملي لمشكلة العمالة الوافدة ،هي إحلال المرأة مكان تلك الحشود العريضة العاملة في مجال البناء والتجارة والحرف اليدوية ،من سباكة ونجارة وحدادة وكهرباء وغيرها!!
وهم بهذا يستغلون الاستياء العام من الوجود الأجنبي في البلاد، لتمرير رغبات دفينة لإخراج المرأة من حصنها الحصين، لتقوم بتلك الوظائف التي حتى الساعة لم نعرف مواطنا واحداً من الذكور يزاولها.
وهاهي المدن الصناعية التي يتم في ورشها إصلاح السيارات، وهاهي العمائر والفلل التي تحت الإنشاء وهاهي عشرات الألوف من محلات النجارة والسباكة والحدادة وغيرها ،لا يوجد مواطن واحد من الذكور يقوم بمزاولتها، فهل ستزاولها نساؤنا ؟!
إن الحد من مشكلة العمالة الأجنبية الكثيفة يمكن أن يتم من خلال وسائل أهمها:
أ‌- الحد من تصاريح الاستقدام، ومنع استغلال النفوذ في الحصول عليها، ومكافحة المحسوبية، ففي ظننا أن الآلاف من تصاريح الاستقدام تباع وتشتري، وتحقق دخلاً جيداً لبعض المتحايلين على الأنظمة والقوانين .
ب‌- تكوين لجان نزيهة لدراسة حاجة السوق من العمالة ،ومعرفة واقع كل مؤسسة عاملة وحاجتها من العمالة، إذ أن استقراء الواقع وسبره، يؤكد تكدس عمالة لا حاجة إليهم في كثير من مؤسساتنا الرسمية والخاصة . بل نجد الخادمات والسائقين يكتظون في بعض البيوت لدواعي المباهاة والترف المذموم.
ت‌- تشجيع اليد العاملة الوطنية من الذكور للعمل في كافة المهن الضرورية، وتدريب المجتمع على تقبل هذه التوجه المهم، ولو في بعض المهن على الأقل إن لم يكن كلها.
ث‌- إن العاملين الأجانب وعائلاتهم يشكلون نحو ثلث سكان السعودية، ويشاع أن 70%من القوى العاملة في السعودية هم من الأجانب ويتدفق كل عام 200 ألف شخص على سوق العمل بحثا عن وظيفة، مما زاد من بطالة المواطنين حتى بلغت 15% ،ولذا فإن إقحام المرأة سوق العمل سيقلل من فرص الذكور في ملء بعض الفراغ المحتمل ،مما سيزيد الطين بلة كما يقال، ويدفع معدلات البطالة إلى مستوى أعلى[74].
2. هجرة الأموال :
وهذا المبرر هو نتيجة طبيعية لوجود العمالة الوافدة ،فإذا قلصت العمالة الوافدة التي أشرنا إليها، انخفض معدل هجرة الأموال إلى خارج البلاد.
ولكن من العجيب عدم طرح هؤلاء لمشكلة هجرة الأموال لأسباب أخرى ،كالسياحة خارج البلاد فأعداد السياح الذاهبين إلى الخارج هي الأعلى كماً والأكثر إنفاقاً، ففي بريطانيا فقط أنفق السياح العرب 1.5 مليار عام 1996 م ،
ولذا لا تعجب حين تعلم أخي القارئ الكريم أنه بفضل هذه الإنفاقات الباهظة من السياح في غير بلدانهم؛ أصبحت السياحة مصدر الدخل الأول لدول كثيرة منها مصر على سبيل المثال!
وقد أنفق مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي 27 مليار دولار في السياحة الخارجية عام2000 م، وقالت مؤسسة ABK الدولية في دراسة لها: إن متوسط إنفاق الفرد الخليجي في رحلته بلغ 1814 دولارا بمعدل 135 دولاراً في الليلة الواحدة.
وطبقا للدراسة نفسها ، فقد بلغ عدد الرحلات التي قام بها الخليجيون[75] العام الماضي 8.8 مليون رحلة شغلوا خلالها 199 مليون غرفة ،حيث سجل السعوديون 4.8 مليون رحلة دولية ، والإماراتيون 1.8 مليون رحلة، فالكويتيون 1.3 مليون رحلة فالبحرينيون 400 ألف رحلة، فالقطريون والعمانيون معا 700 ألف رحلة.
وبلغ عدد الليالي التي شغلها الخليجيون في الفنادق العالمية 200 مليون غرفة / ليلة[76].
ولئن كانت تحويلات العمالة الوافدة للأموال هو في مقابل مردود إنتاجي في الداخل غالباً إلاّ أن نفقات السياح لملايين الدولارات في الخارج ،إنما هو للمتعة واللذة دون مقابل، بل في أحيان كثيرة يكون في مقابل مردودات عكسية سواء فكرية أو عقائدية أو أخلاقية أو صحية !!.
ومعلوم كثرة العائلات الثرية التي تقيم حفلات زواج أبنائها وبناتها في الخارج، وتتباهى في الإنفاق المالي الغزير هناك، فضلاً عن توجه الكثيرين لشراء البيوت وتملك العقارات في بلدان أجنبية مختلفة ،مع ما يصاحب ذلك من رحيل للأموال بأرقام خيالية، سواء تلك الخاصة بإنشاء تلك البيوت والعقارات، أو تلك المبالغ التي تنفق لصيانتها وحراستها والسكن فيها وقت الإجازات والعطل.
كما أن الاستطباب بالخارج يتطلب هجرة أموال خيالية أيضاً، لمعالجة المرضى في مصحات أميركا وبريطانيا وأسبانيا وجنيف وغيرها من دول العالم ،وقد أنشئت مكاتب صحية في الخارج لمتابعة شؤون هؤلاء المرضى ،ترصد لها ميزانيات ضخمة، وكان الأولى في ظننا العناية بإنشاء المصحات المحلية، وتشجيع الطلاب على الانخراط في مجال الطب ،ليقل الاعتماد على الوافدين ،بالإضافة إلى استقدام بعض الكفاءات المسلمة إلى بلادنا حتى تحين فرصة سد النقص في كفاءتنا المحلية.
والمقصود أن مصاريف العلاج في الخارج التي تقدر بالملايين ،لم يبحث حلها على نطاق الصحف ووسائل الإعلام ،مما يدل على أن القضية ليست سوى توجهات فكرية مشبوهة، ورغبات دفينة في تغريب المجتمع.
إن هجرة الأموال إلى الخارج أمر مثير للقلق حقاً، لكن حصره في مسرب واحد مكابرة مستهجنة، ودعوة مشبوهة، فالأموال المدفوعة مقابل الواردات شيء يفوق الوصف، فلماذا فتح الأبواب على مصراعيها لاستيراد كل شيء مهما كان كماليا أو تافهاً ؟! حتى بلغ بنا الأمر أن نستورد مفرقعات الأطفال الباهظة الثمن، العظيمة الضرر بل حتى أطعمة القطط والكلاب المعلبة بعلب فاخرة ،ناهيك عن السجائر المحرمة شرعاً، الضارة بدناً، المكلفة ثمناً !!
إن الملايين من الدولارات تهاجر كل عام لأسباب متنوعة دون أن يفتح ملف لمناقشتها ،فأين الغيورون على المال العام، وميزان المدفوعات المختل ؟! أم أن القضية لا تعدو كونها اصطياداً في الماء العكر وسباقاً محموماً وراء أغراض شخصية دنيئة ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!!؟
3. زيادة الناتج القومي:
يزعم الإباحيون، ودعاة تحرير المرأة، أن إعطاء المرأة الفرصة لتعمل خارج منزلها، فيه مكاسب اقتصادية ذات أثر مهم في زيادة الناتج القومي ،من خلال نتاج المرأة إذا أضيف إلى نتاج الرجل .
والجواب عن هذه الفرية من وجوه:
1. إن هذا الكلام لو قيل في مجتمع خال من بطالة الرجال، لربما كان له حظ من النظر . لكن أن يقال هذا في بلد تبلغ نسبة بطالة الرجال فيه نسبة عالية جداً لهو أمر مستهجن!.
ففي آخر إحصاءات وزارة التخطيط بحجم البطالة في السعودية ،تبين أن نسبة البطالة في الذكور آخذة في الارتفاع، ومن المشاهد كثرة الخريجين من الجامعات السعودية الذين تزدحم بهم البيوت دون أن يجدوا أعمالاً يسترزقون منها، حتى شاع تذمرهم وتضجرهم ولم يعد بخاف أو بسر!!.
2. ويجاب عنه كذلك أن ما تتقاضاه المرأة من رواتب وما تقدمه من إنتاج، يقل كثيراً عما تدفعه الأسرة والمجتمع إزاء تخلي المرأة عن وظيفتها الأساس في البيت ،وحلول الخادمة بدلاً منها، بالإضافة إلى نفقات تدفع مقابل طهي الطعام وغسل الثياب وكيها وغيرها ،مما لا بد منه إزاء تخليها عن واجباتها .
3. إن ما يدفعه المجتمع من تكاليف غير منظورة على المدى البعيد، إزاء النتائج السلبية المترتبة على خروج المرأة من البيت، وتنازلها عن وظيفتها الأهم, لأمر يدعو إلى القلق فعلاً فانحراف الأبناء، وفقرهم العاطفي، واضطرابهم النفسي،كل هذه أعباء إضافية يتحملها المجتمع بمرور الوقت ، فما هذه المؤسسات الاجتماعية والإصلاحيات ودور الرعاية النفسية، والتربوية بما تتطلبه من ميزانيات باهظة إلا ردة فعل لاستيعاب تلك الجموع الغفيرة من الفتيان والفتيات الفاقدين للرعاية الأسرية الفاعلة ، والتي من أهمها غياب الوالدين بسبب ظروف العمل .
4. إن زيادة الناتج القومي يتحقق من خلال وسائل عديدة ، ليس منها إخراج المرأة إلى العمل فمن ذلك:
1. الاستغلال الأمثل للثروة وعوائد النفط بتشجيع الصناعات الوطنية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات كمرحلة أولى يعقبها مراحل أخرى من التطوير والتصدير.
2. محاولة إيجاد مصادر إيرادات جديدة، وعدم الاعتماد على النفط فقط من خلال البحث عن المعادن الأخرى، وإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية لاستغلالها صناعياً وتجارياً .
3. العناية بتنمية الزراعة والإنتاج الحيواني ونموها لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتوفير العملات الصعبة بالداخل بدلاً من رحيلها إلى المستثمر الأجنبي ، وفي تجربة القمح والألبان وغيرها شاهد مهم على فاعلية هذا الإجراء.
4. توفير دخل ثابت للمرأة يحميها من الحاجة والعوز.
وهذا الطرح قد يكون معقولاً في مجتمعات لا دينية ، تفتقد أسس التكافل الاجتماعي، وتغلب فيه الأنانية والشح، لكن مجتمعنا المسلم المحافظ لا تنطبق عليه تلك الصفات الذميمة ، فالإسلام قسم المسؤوليات وحدد الواجبات ،وبين الحقوق بما فيها حق المرأة المسلمة في العيش الكريم ، فأجبر أباها بالإنفاق عليها حتى تستغني عنه بالزواج ، ثم ألزم الزوج بالإنفاق عليها وإن كانت ذات مال. قال الله تعالى : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله )
وفي حالة افتقار المرأة لمن ينفق عليها من أب أو زوج أو ولد كان على ولي أمر الدولة الإسلامية وجوب الإنفاق على المرأة ففي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا أولى الناس بالمؤمنين في كتاب الله عز وجل ، فأيكم ما ترك ديناً أو ضيعة فادعوني فأنا وليه وأيكم ما ترك مالاً فليؤثر بماله عصبته من كان "[77]
ولقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يعمل دائماً لوضع نظام متكامل في هذا المضمار.. فها هو يقول وقد أحس بغياب المجاهدين واستشهاد كثير منهم في فتوحات المسلمين وخلفوا ذرية ضعافاً: ( لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا ً ، فما أتت عليه ليلة رابعة حتى أصيب رضي الله عنه وأرضاه )[78]
ومن العجيب أن هؤلاء الداعين إلى عمل المرأة يتحدثون ،وكأنهم في مجتمع إباحي أوربي أو غيره، حيث لا دين ولا أخلاق، ولا مبادئ ولا قيم ، وإلا ما معنى أن يتجاهل هؤلاء ما تقوم به الجهات الرسمية من مثل وزارة الشؤون الاجتماعية من صرف بطاقات الضمان الاجتماعي للمحتاجين؟!
وما معنى ما توفره الجمعيات الإغاثية من مساعدات مجدولة للأسرة الفقيرة ؟!
وما معنى عشرات الملايين التي ينفقها بعض الأثرياء المسلمين لسد حاجة الأرامل والأيتام ؟!
ألا قليلاً من الموضوعية يا هؤلاء, أصلح الله قلوبكم!
ولذا يمكنني القول بكل ارتياح وثقة
أن الأهداف الحقيقية لدعاة خروج المرأة للعمل بلا ضوابط أو حاجة شرعية تتلخص في أمور منها :
1/ إشاعة الفاحشة فى الذين آمنوا.
2/ الرغبة فى مجاراة الغرب الكافر.
3/ تنفيذ مخططات الأسياد من الكفرة والملاحدة.
4/ الفرار من تعيير الكفار واستهزائهم
5/ محاولة إلغاء حق الرجل فى القوامة ( انظر :الولاء لسيد ص422)
تقول العلمانية الخبيثة أمينة السعيد : (( القوامة اليوم لا مبرر لها ، لأن هذه القوامة مبنية على المزايا التي كان الرجل يتمتع بها في الماضي في مجال الثقافة والمال ، وما دامت المرأة استطاعت اليوم أن تتساوى مع الرجل في كل المجالات فلا مبرر للقوامة ))[79]








المبحث الثامن
وليس الذكر كالأنثى
إن الذين ينادون بمساواة المرأة بالرجل في كل شيء حتى فيما اختص به الرجل من الوظائف الملائمة لطبيعته الخلقية واستعداده النفسي ، إنما يحاولون بذلك القفز على تأكيدات قرآنية, ومسلمات بيولوجية[80] بحتمية الخلاف بين الجنسين.
إن من المعلوم المشاهد أن الطبيعة الخلقية للمرأة تختلف كثيراً عن خلقة الرجل ، لأن المرأة خلقت للحمل والإنجاب والرضاع ،لا لمكابدة أعمال الرجال في المصانع والمعامل وقيادة الشاحنات وإدارة الرافعات والتراكتورات ، والمرأة عرضة للحيض دورياً كل شهر لمدة ثلاثين عاما من حياتها أو تزيد ،ولذا فهي تعاني إبان هذه الفترة مما يلي:
1. تصاب كثير منهن بأوجاع في أسفل الظهر والبطن ، وتكون آلام بعضهن فوق الاحتمال.
2. تصاب كثير منهن بحالة كآبة وضيق صدر،كما قد يصبن بصداع نصفي وارتفاع حرارة الجسم .
3. تصاب المرأة بفقر الدم الذي ينتج عن النزيف الشهري ، وتفقد المرأة أثناء الحيض من الدم ما بين : 60-204 ملليتر))[81].
وأما في حالة الحمل والولادة فإليك الحقائق التالية:
1. يسحب الجنين ما يحتاج إليه من مواد لبناء جسمه حتى ولو ترك الأم شبحاً هزيلاً.
2. يضخ القلب قبل الحمل حوالي : 6500 لتر من الدم يومياً ، أما في أثناء الحمل وخاصة قرابة نهايته فتصل كمية الدم التي يضخها القلب 1500 لتر[82].
فالمرأة التي هذه طبيعتها حائض أو حامل أو نفساء ،كيف يمكن أن تقوم بوظائف خارج بيتها ، تتطلب جهداً متواصلاً واستنفاراً دائما للأعصاب والمشاعر ؟؟
وأي زيادة في الناتج القومي من امرأة تارة مريضة بسبب الحيض ، وأخرى مجهدة بسبب الحمل وثالثة مضطجعة بسبب الولادة والرضاع؟!
إن من المكابرة بمكان إغفال الفوارق الخلقية والاستعدادات النفسية والفطرية بين الجنسين ، ومحاولة مصادمة السنن الكونية والشرعية القاضية بضرورة التمييز بين الذكور والإناث .
وإن الانسياق وراء سياسات الكفار وطرائق عيشهم وأساليب حياتهم ، حيث لا دين ولا رادع من أخلاق أو قيم هو ردة فكرية وهزيمة نفسية وعبودية مقيتة للهوى ووسوسة الشيطان .
ولقد تحقق للمسلمين السيادة الكونية والريادة الأممية في عصور الفتوحات الزاهرة ، دون أن تخرج نساؤهم متبرجات فاتنات، أو مزاحمات للرجال في سوق العمل مهما كان محافظاً وبعيداً عن أجواء الفتنة الحادثة اليوم
فهل يعي عقلاء قومي هذه الحقيقة الناصعة ، فيتخلون عن عنادهم ومكابرتهم ، ويجنبون الأمة ويلات نداء اتهم المتكررة لتغريب المرأة المسلمة وإفسادها؟!.
هل يتأمل هؤلاء بمنطق العقل والحكمة ما آل إليه حال المجتمعات المعاصرة والغابرة ؛من الانحدار الأخلاقي والتخلف الاجتماعي والتفكك الأسرى ، نتيجة خلاعة النساء وسفورهن وتهتكهن الأخلاقي المسف عياذاً بالله تعالى؟!
ألا يرى هؤلاء أنّ ما تم إنجازه من البنية التحتية والمكتسبات الحضارية لم يتوقف يوماً ما على مشاركة المرأة ، أو خروجها للعمل ، فهاهي المطارات العملاقة والجسور الفولاذية وشبكة الخطوط البرية والجوية ، وتقنية الاتصالات الباهرة وقنوات المياه والكهرباء وغيرها كثير ، شاهدة على عظمة ما حققناه من انجازات مادية ضرورية ، دون أن تسهم المرأة إسهاماً مباشراً في وضع لبنة واحدة في صروحنا التنموية تلك ، بل ظلت تلعب في بيتها دوراً رديفاً بالغ الأهمية ، أعان بشكل كبير في تحقيق كل تلك المكاسب؟!
المبحث التاسع
تجارب وكلام الغربيين عن عمل المرأة
لقد تجرع الغربيون ثمرات مرة جرّاء إخراجهم المرأة من بيتها ،وإقحامها ميادين العمل مختلطة بالرجال ومزاحمة لهم في مكاتبهم ومصانعهم ومصحاتهم.
فالتفكك الأسري والخيانات الزوجية، وانتشار الزنا، وكثرة اللقطاء، وحالات الإجهاض وانحراف الأحداث، ونشوء الجريمة، وفقدان الأمن، وتعاطي المخدرات، والجريمة المنظمة والارتجالية، وتكوين العصابات، وسيادة منطق الغاب وغيرها ناتجة عن شركهم بالله، وإقصائهم الدين، وتعطيلهم لمكارم الأخلاق وتنكبهم للفطرة حين ساووا بين النساء والرجال.
إن لغة الأرقام تفصح عما يلي :
1/ إنّ 80% من نساء روسيا أقمن علاقات جنسية مع رجلين على الأقل .
2/10 ملايين شخص في روسيا مدمن للمخدرات
3/50 مليون شخص مصاب بمرض الإيدز في العالم .
4/ذكرت صحيفة الديلي اكسبرس أن ما يقارب من 80% من الرهبان والراهبات والقسس قد مارسوا الزنا وأن 40% قد مارسوا الشذوذ ( البار ص170) .
5/وافق البرلمان الألماني على اعتبار الدعارة مهنة ( شرعية)كالصحافة والتجارة والحدادة والطب ، وعليه باتت المومس( موظفة شرعية!) تخضع لحقوق وواجبات الموظفين العاديين الشرعيين ، ويقدر عدد المومسات حوالي نصف مليون في ألمانيا.
6/ تقدر عائدات الدعارة في هولندا بـ 500 مليون دولار سنوياً ، وأما عائدات تايلاند فتتراوح ما بين 22.5-27 بليون دولار سنويا[83].
7/50 ألف طفل مشرد في موسكو .
8/ 100 ألف لقيط يقدر في رومانيا سنويا.
9/ 32 مليون طفل برازيلي يعيشون في الشوارع.
10/ كما شهدت فرنسا في عام 1997 م احتفال الرئيس جاك شيراك بولادة حفيده غير الشرعي من ابنته
11/ ولعل إلقاء نظرة عامة على نسبة ولادة الأطفال خارج إطار الزواج من خلال التقارير الرسمية لعام 1994م تعطي مؤشراً عن حجمها الكبير :
السويد 50%
الدانمارك 46.8%
النرويج 45.9%
فرنسا 34.9%
المملكة المتحدة 32%
فنلندا 31.3%
هولندا 31.3%
النمسا 31.1%
ايرلندا 19.7%
البرتغال 17%
ألمانيا 15.4%
لوكسمبورج 12.9%
بلجيكا 12.6%
إيطاليا 7.3%
اليونان 2.9%[84]
في استفتاء نشرته مؤسسة أبحاث السوق عام 1990م في فرنسا ، أجري على 2.5 مليون فتاة في مجلة مارى كير كانت نسبة 90% منهن يرغبن العودة إلى البيت ليتجنبن التوتر الدائم وفقد الأطفال ،وأما مجلة سيترن فقد توصلت إلى أن 2 من ثلاثة من الراغبات في الطلاق بفرنسا عاملات .
وقد طرح الأستاذ وهبي غاوجي هذا التساؤل ، ثم أجاب عليه:
قد يقول قائل : إذن لماذا خرجت المرأة الأوروبية لتعمل خارج البيت وما تزال..؟.
أقول لهذا أسباب عديدة ليس منها سبب يقصد به إكرام المرأة. وهاك بعضها:
1- أن الأب هناك لا تكلفه الدولة الإنفاق على ابنته إذا بلغت الثامنة عشر من عمرها ، لذا فهو يجبرها على أن تجد لها عملاً إذا بلغت ذلك السن.. وكثيراً ما يكلفها دفع أجرة الغرفة التي تسكنها في بيت أبيها فضلاً عن أجرة غسل الثياب وكيها.
2- أن الناس هناك يحيون لشهواتهم، فهم يريدون المرأة في كل مكان .. فأخرجوها من بيتها لتكون معهم.. ولهم .. ألا ترى كيف يسخرونها لشهواتهم الدنيئة في الأفلام الداعرة والصورة العارية والإعلانات, حتى إعلانات صابون الحلاقة.. ولمعان الأحذية .. ودور البغاء..!! .
3- أن البخل والأنانية شديد عندهم، فهم لا يقبلون أن ينفقوا في زعمهم على من لا يعمل إلا أعمالا بسيطة، ولا يرون تربية الأولاد أمراً هاماً، ومهمة شاقة، لأنهم لا يبالون بدين وتربية.
4- أن المرأة عندهم هي التي تهيئ بيت الزوجية، فلا بد لها أن تعمل وتجمع المال حتى تقدمه مهراً لمن يريد الزواج بها. وكلما كان مالها أكثر كانت رغبة الرجال فيها أكثر.
ومع ذلك فما يزال هناك بعض من الآباء ينفقون على بناتهم إذا بلغن، ولا يرضون لهن بالعمل خارج البيت، ولا بمخالطة الرجال إلا في حدود ضيقة، وقليل ما هم.
وهي اليوم تجد الحرية لخروجها من البيت، فتخادن من تشاء، وتصادق من تشاء، وتذهب حيث تشاء وتنام حيث تشاء. وقد استمرأت هذه الحياة الفاسدة، واستمرأ الرجال ذلك فيهن، ومعهن. فلن تعود المرأة هناك إلى بيتها وإلى عفافها، إلا إذا عادت إلى الإسلام، فهو وحده الكفيل بإعادة الحياة الإنسانية إلى فطرتها، وتقويم كل اعوجاج وانحراف فيها.
وقد طرح الأستاذ وهبي غنجي هذا التساؤل ثم أجاب عليه:
قد يقول قائل : إذن لماذا خرجت المرأة الأوروبية لتعمل خارج البيت وما تزال..؟.
أقول لهذا أسباب عديدة ليس منها سبب يقصد به إكرام المرأة. وهاك بعضها:
5- إن الأب هناك لا تكلفه الدولة الإنفاق على ابنته إذا بلغت الثامنة عشر من عمرها لذا فهو يجبرها على أن تجد لها عملاً إذا بلغت ذلك السن.. وكثيراً ما يكلفها دفع أجرة الغرفة التي تسكنها في بيت أبيها فضلاً عن أجرة غسل الثياب وكيها.
6- إن الناس هناك يحيون لشهواتهم، فهم يريدون المرأة في كل مكان .. فأخرجوها من بيتها لتكون معهم.. ولهم .. ألا ترى كيف يسخرونها لشهواتهم الدنيئة في الأفلام الداعرة والصورة العارية والإعلانات, حتى إعلانات صابون الحلاقة.. ولمعان الأحذية .. ودور البغاء..!! .
7- إن البخل والأنانية شديد عندهم، فهم لا يقبلون أن ينفقوا في زعمهم على من لا يعمل إلا أعمالا بسيطة، ولا يرون تربية الأولاد أمراً هاماً، ومهمة شاقة، لأنهم لا يبالون بدين وتربية.
8- إن المرأة عندهم هي التي تهيئ بيت الزوجية، فلا بد لها أن تعمل وتجمع المال حتى تقدمه مهراً لمن يريد الزواج بها. وكلما كان مالها أكثر كانت رغبة الرجال فيها أكثر.
ومع ذلك فما يزال هناك بعض من الآباء ينفقون على بناتهم إذا بلغن، ولا يرضون لهن بالعمل خارج البيت، ولا بمخالطة الرجال إلا في حدود ضيقة، وقليل ما هم.
وهي اليوم تجد الحرية لخروجها من البيت، فتخادن من تشاء، وتصادق من تشاء، وتذهب حيث تشاء وتنام حيث تشاء. وقد استمرأت هذه الحياة الفاسدة، واستمرأ الرجال ذلك فيهن، ومعهن. فلن تعود المرأة هناك إلى بيتها وإلى عفافها، إلا إذا عادت إلى الإسلام، فهو وحده الكفيل بإعادة الحياة الإنسانية إلى فطرتها، وتقويم كل اعوجاج وانحراف فيها.
وفيما يلي أقوال بعض الغربيين وغيرهم:
قال (أنطوان نيميلان) وهو روسي شيوعي: (الحق أن جميع العمال قد بدت فيهم أعراض الفوضى الجنسية ، وهذه حالة خطرة تهدد النظام الاشتراكي بالدمار، فيجب أن نحارب بكل ما أمكن من الطرق، لأن المحاربة في هذه الجهات ذات مشاكل وصعوبات، ولي أن أدلكم على آلاف من الأحداث يعلم منها أن الإباحية قد سرت عدواها لا في الجهال والأغرار فحسب، بل في الأفراد المثقفين من طبقة العمال أيضاً).
قال الفيلسوف الملحد (برتراند راسل) : (إن الأسرة انحلت باستخدام المرأة في الأعمال العامة، وأظهر الاختبار أن المرأة تتمرد على تقاليد الأخلاق المألوف، وتأبى أن تظل وفية للرجل إذا تحررت اقتصادياً).
وقالت (آني رود) الإنكليزية :(لأن تشتغل بناتنا خوادم أو كخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين فيها الحشمة والعفاف والطهارة.. نعم إنه لعار على بلاد الإنكليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بمخالطة الرجال، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية، من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال لسلامة شرفها).
وقالت (اللادي كوك): (إن الاختلاط يألفه الرجال، ولذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها، وعلى كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنى وهاهنا البلاء العظيم على المرأة.. ثم قالت : أما آن لنا أن نبحث عما يخفف إذا لم نقل يزيل هذه المصائب العائدة بالعار على المدنية الغربية؟؟!
أما آن لنا أن نتخذ طريقاً يمنع قتل الآلاف من الأطفال الذين لا ذنب لهم، بل الذنب على الرجل الذي أغرى المرأة المجبولة على رقة القلب؟.
يا أيها الوالدان لا يغرنكما بعض دريهمات تكسبها بناتكما باشتغالهن في المعامل ونحوها ومصيرهن إلى ما ذكرنا، علموهن الابتعاد عن الرجال، أخبروهن بعاقبة الكيد الكامن لهن بالمرصاد، لقد دلنا الإحصاء على أن البلاء الناتج من حمل الزنى يعظم ويتفاقم حيث يكثر اختلاط النساء بالرجال، ألم تروا إلى كثرة أمهات أولاد الزنى في المعامل والخادمات في البيوت وكثير من السيدات المعرضات للأنظار، ولولا الأطباء الذين يعملون الأدوية للإسقاط لرأينا أضعاف ما نرى الآن، لقد أدت بنا هذه الحال إلى حد من الدناءة ،لم يكن تصورها في الإمكان، هذا غاية الهبوط بالمدنية).
قال (اللورد بيرون) (لو تفكرت أيها المطالع فيما كانت عليه المرأة في عهد قدماء اليونان لوجدتها في حالة يقبلها العقل ولعلمت أن الحالة الحاضرة حالة المرأة لم تكن غير بقية من همجية القرون الوسطى، حالة مصطنعة مخالفة للطبيعة، ولرأيت معي وجوب اشتغال المرأة بالأعمال المنزلية، مع تحسين غذائها وملبسها فيه، وضرورة حجبها عن الاختلاط بالغير وتعليمها الدين).
بل إن (هتلر).. و (موسوليني) أخذا يقدمان جوائز مغرية للنساء اللاتي يتركن أعمالهن خارج البيت ليعدن إلى بيوتهن يعملن فيها.فهل من مدكر؟.
وقال (أوغست كونت): (يجب أن يغذي الرجل المرأة، هذا هو القانون الطبيعي لنوعنا الإنساني، وهو قانون يلائم الحياة الأصلية المنزلية للجنس المحب (النساء) وهذا الإجبار ـ إجبار الرجل على تغذية المرأة ـ يشبه ذلك الإجبار الذي يقضي على الطبقة العاملة من الناس بأن تغذي الطبقة المفكرة منهم لتستطيع هذه أن تتفرغ باستعداد تام لأداء وظيفتها الأصلية غير أن واجبات الجنس العامل( الرجال) المادية نحو الجنس المحب (النساء) هي أقدس من تلك، تبعاً لكون الوظيفة النسوية تقتضي الحياة المنزلية. ولكن بالنسبة للمفكرين فإن هذا الإجبار يكون تضامنياً فقط، بخلافه بالنسبة إلى النساء فإنه ذاتي).
وقال الإنجليزي سامويل سمايلس : (إنَّ النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل ، مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد ، فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية لأنه هاجم هيكل المنزل وقوض أركان الأسرة ومزق الروابط الاجتماعية ، فإنه بسلبه الزوجة من زوجها والأولاد من أقاربهم ، صار بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة ، إذ وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية مثل ترتيب مسكنها وتربية أولادها والاقتصاد في وسائل معيشتها ، مع القيام بالاحتياجات البيتية ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات ، بحيث أصبحت المنازل غير منازل و أضحت الأولاد تشب على عدم التربية وتلقى في زوايا الإهمال )[85].
ولعلي أختم هذه النقولات باعتراف قاسم أمين نفسه داعية الانحلال وتحرير المرأة الأول فهاهو يقول : (( نحن لا نجادل في أن الفطرة أعدت المرأة للاشتغال بالأعمال المنزلية وتربية الأولاد ، وأنها معرضة لعوامل طبيعية كالحمل والولادة والرضاعة ، لا تسمح لها بمباشرة الأعمال التي يقوى عليها الرجال ، بل نصرح هنا أن أحسن خدمة تؤديها المرأة إلى الهيئة الاجتماعية هي أن تتزوج وتلد وتربي أولادها هذه قضية بديهية لا تحتاج في تقريرها إلى بحث طويل )) .















المبحث العاشر
أقوال بعض أهل العلم والمفكرين الإسلاميين في مسألة خروج المرأة للعمل
فيما يلي مقولات لبعض أهل العلم والمفكرين الإسلاميين من ذوي الحنكة والتجربة، والأمانة والنزاهة، يقدمون للأمة خلاصة نصائحهم، ولباب تجاربهم :
قال الدكتور لطفي الصباغ بهذا الخصوص:
وإن الكيد الذي يكاد للمسلمين كان قسم كبير منه موكولاً إلى المرأة ، لإفسادها وإخراجها إلى ميدان الفتنة والابتذال.. ولقد كانت المرأة هي الخاسرة في هذه المؤامرة القذرة ، وبخسارتها العظمى فقد المجتمع توازنه وسعادته وأمنه وراحته. وإنني من أجل هذا أقدم هذه الرسالة نصيحة والد إلى بناته وفتياته ، أحذرهن من الخطر الماحق ، والمهانة الضخمة ، والضياع في الدنيا والآخرة ، والسقوط في نظر الناس جميعاً ، فاسقين وصالحين.
أقدمها وأنا في سن الخمسين ، ولا هم لي إلا أن أجنب أمتي المزيد من الأخطار ، مما رأيت وسمعت خلال تجربتي الطويلة . إن هناك تآمراً رهيباً ضد المرأة المسلمة ، يقوم به ناس لا يخافون الله ولا يخشون العار ولا الفضيحة ، لأنهم ليسوا : متدينين غيورين ، فليس لكثير منهم زوجات ولا بنات ، ولا يتقون يوماً يسألون فيه عما يعملون ، وإن كان لبعضهم زوجات وبنات فليس عندهم من الغيرة شيء ، حتى ولا التي توجد عند بعض الحيوان .
أما نحن فإن ديننا هو الذي يحملنا على أن نسدي النصح خالصاً لبناتنا وأخواتنا وأمهاتنا ، وننذرهن من العاقبة الوخيمة التي تنتظرهن إن هن فرطن في حق دينهن .
إن الدعوة لخروج المرأة من البيت لتخالط الرجال جر المآسي والكوارث ، وقد بدأ براقاً جذاباً لتكون المرأة زهرة المجتمع وواسطة العقد المكرمة.. ولكن انتهى بها الأمر إلى مهانة لتكون كانسة للطرقات ، وخادماً في الخمارات ، وربما تعرضت في خروجها هذا إلى ما يهدد عفتها ، ويقضي على مستقبلها ، إن المسؤولية تقع على الرجال والنساء من المؤمنين المتقين ، ولا بد من أن تنطلق صيحات الخير في وجوه الجائرين ، ولكلمة الحق سلطان وأي سلطان؟!)[86]
قال الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله:
(فمن المعلوم تاريخياً أن من أكبر أسباب انهيار الحضارة اليونانية تبرج المرأة ، ومخالطتها للرجال ، ومبالغتها في الزينة والاختلاط . ومثل ذلك حصل تماماً للرومانيين ، فقد كانوا يفتحون الفتوح ، ويوطدون أركان إمبراطوريتهم العظيمة ، فلما تبرجت المرأة وأصبحت ترتاد المنتديات ، والمجالس العامة وهي في أتم زينة ، وأبهى حلة – فسدت أخلاق الرجال ، وضعفت ملكتهم الحربية ، وانهارت حضارتهم انهياراً مريعاً ).
ثم نقل عن (دائرة معارف القرن التاسع عشر) قولها :
( كان النساء عند الرومانيين محبات للعمل ، مثل محبة الرجال له ، وكن يشتغلن في بيوتهن ، أما الأزواج والآباء فكانوا يقتحمون غمرات الحروب ، وكان أهم أعمال النساء بعد تدبير المنزل الغزل وشغل الصوف ).
( ثم دعاهم بعد ذلك داعي اللهو والترف إلى إخراج النساء من خدورهن ، يحضرن معهم مجالس الأنس والطرب ، فخرجن كخروج الفؤاد من بين الأضلاع ، فتمكن الرجل من حظ نفسه من إتلاف أخلاقهن ، وتدنيس طهارتهن ، وهتك حيائهن ، حتى صرن يحضرن المراقص ، ويغنين في المنتديات ، وساد سلطانهن حتى صار لهن الصوت الأول في تعيين رجال السياسة وخلعهم ، فلم تلبث دولة الرومان على هذه الحالة ؛ حتى جاءها الخراب من حيث تدري ولا تدري ).
ثم قالت (دائرة المعارف) :
( إنا لسنا أول من لاحظ هذا الأثر السيئ الذي يحدثه حب النساء للزينة يوماً فيوماً ـ على أخلاقنا ، فإن أشهر كتابنا لم يهملوا الاشتغال بهذا الموضوع الخطير . فكيف النجاة من هذا الداء الذي يقرض مدنيتنا الحالية ، ويهددنا بسقوط سريع جداً ، وإن شئت فقل : بانحطاط لا دواء له ؟ ).
ومن الملاحظ أن عقلاء الأوروبيين بدأوا يحذرون قومهم من المصير الذي انتهى إليه الرومان ؛ نتيجة الإفراط في تبرج المرأة واختلاطها ، فنجد (لويز برول) يقول في مجلة (المجلات) مجلد 11 تحت عنوان: الفساد السياسي ما يأتي:
(إن فساد الأسس وجد في كل زمان ، ومن الغريب المدهش أن عوامله في الزمن الغابر هي ذات عوامله في الزمن الحاضر ، يعني : أن المرأة كانت العامل الأقوى في هدم الأخلاق الفاضلة ).
ثم أخذ هذا العالم يقارن بين العلامات المنذرة اليوم وبين ما كان في عهد جمهورية الرومان ، حتى قال:
(لقد كان الرجال السياسيون في آخر عهد الجمهورية الرومانية يعيشون صحبة النساء ذوات الطبائع الخفيفة ، اللائي كان عددهن بالغاً حد الكثرة ، فصار الحال اليوم كما كان في ذلك العهد ، ترى الناس اندفعوا في تيار الحب البالغ حد الجنون وراء البذخ واللذات )[87].
وكتب محمد محمد حسين في هذا الموضوع فقال :
"أحسن ما قرأته في وصف النساء المترجلات ، اللاتي يأبين إلا الخروج على فطرتهن ، والزج بأنفسهن في ميادين الرجال ، تسمية أحد كتاب الإنجليز لهن "الجنس الثالث". فالواقع أن هذه التسمية وصف صادق كل الصدق لهذه الطبقة الجديدة من النساء التي برزت مشكلتها في المجتمع الأوربي منذ أواخر القرن الميلادي الماضي ، بعد أن تكاثر عددها وطغى سيلها . ذلك لأنهن قد فقدن أنوثتهن فلم يعدن نساءً ، وابتذلن أجسادهن وأرخصن مفاتنهن حتى عافها الرجال وانصرفوا عنها . ثم إن فطرتهن وخلقتهن تأبى عليهن من بعد أن يدخلن في عداد الرجال . من أجل ذلك سماهن ذلك الكاتب الإنجليزي "الجنس الثالث"، بعد أن أخرجن أنفسهن من عداد النساء واستحال عليهن أن يدخلن في عداد الرجال ، فهن يخالفن الرجال طبيعة وتركيباً ، ويخالفن النساء وظائفاً وأعمالاً. "
وقد درس هذا (الأستاذ) أحوالهن درساً مدققاً فوجد أنهن يتركن الزواج . وبانتزاعهن أنفسهن من وظائفهن الطبيعية كالأمومة وما يتبعها قد تغيرت إحساساتهن عن إحساسات بنات جنسهن ، وصرن في حالة من الكآبة تشبه أعراض الماليخوليا".
أساءت المرأة إلى نفسها ، وأساء الذين ظاهروها وأعانوها ممن يزعمون أنهم أنصارها . فقد كانت ريحانة تشم، فأصبحت مشكلاً يتطلب الحل، وكانت عرضاً يصان وأمانة تحفظ ، فأصبحت حملاً ثقيلاً يضيق به الأب والأخ ، ويتحتم معه على المرأة أن تعمل لتعيش . نشأ الجيل السابق على أن يكفلها ويكفيها حاجتها ، وكان هذا التقليد عقيدة مركوزة في أعماق كل نفس ، يحرسها الإجماع عليها ، ولا يخطر لأب أو ابن أو أخ أو زوج أن يتخلى عنه ويخرج من عهدته ، فلما عملت المرأة لنفسها وشاع ذلك في المجتمع ماتت هذه العادة ، وماتت معها المروءة التي كانت تدفع إليها ، والغيرة التي كانت سبباً في المحافظة عليها ، وأصبحت المرأة إذا لم تبحث عن العمل من نفسها دفعها وليها إليه دفعاً وألزمها به إلزاماً . بل لقد أصبح القانون يلزمها بالعمل في النظام الشيوعي ، وأصبح الواقع يلزمها به في النظام الرأسمالي . وأصبحت التي لا تعمل في أيامنا لا تجد اللقمة ولا تجد الزوج ، لأن الرجال إن عدموا ذوات المال من الزوجات بحثوا عن الكادحات الكاسبات . وكاد ذلك يصبح قانوناً من قوانين حياتنا يقضي على المستعفات بالبوار والهلاك . فهل هذا هو ما يسميه الخادعون والمخدوعون والخادعات والمخدوعات "حقوق المرأة" ؟
وفي الوقت الذي يتجرع فيه الغرب آثار خروج المرأة على فطرتها ووظيفتها ، كان بعض كتابنا ومفكرينا ينادون بأن نأخذ في ذلك الطريق الذي انتهى بالغرب إلى ما هو فيه من مشاكل اجتماعية واقتصادية ، هزت دعائم مجتمعه هزاً عنيفاً أفقده استقراره واتزانه وعرض سلامته وكيانه لأشد الأخطار . ولقد يبدو للدارس المتأمل أن المرأة لا توضع الآن حيث تدعو الحاجة ـ صحيحة كانت أو مزعومة ـ إلى أن توضع !
ولكنها توضع لإثبات وجودها في كل مكان ، ولإقحامها على كل ما كان العقل والعرف ينادي بعدم صلاحيتها له . فليس المقصود بتوظيفها في هذه الأيام سد حاجة موجودة ، ولكن المقصود هو مخالفة عرف راسخ ، وتحطيم قاعدة قائمة مقررة ، وإقامة عرف جديد في الدين وفي الأخلاق وفي الذوق ، وخلق المبررات والمقومات التي تجعل انسلاخنا من إسلامنا وعروبتنا وشرقيتنا أمراً واقعاً ، كما تجعل دخولنا في دين الغرب ومذاهب الغرب وفسق الغرب أمراً واقعاً كذلك.
وأخطر ما في هذه الدعوة وأمثالها مما يراد به حملنا على كل فاسد من مذاهب الغرب ؛ أن أصحابها يريدون إقحامها على إسلامنا زاعمين أنها لا تعارضه . وقد كان قاسم أمين هو أول من جرأ الناس على تحريف النصوص حين طلع علينا بطائفة من المزاعم التي تقوم على المجازفة! ، وحين تصيد من كتب التاريخ ورواياته ـ على اختلاف درجاتها ودرجات مؤلفيها ـ كل شاذ غريب فحشدها في حيز واحد وضم بعض أشتاتها إلى بعض ، حتى خيل إلى قارئها أنها ـ على شذوذها وقلتها ـ شيء مألوف كثير الوقوع . ومع أن هذا الذي جمعه هو خلاصة ما في الكتب ـ صحيحها وسقيمها ـ من غرائب الأخبار والآراء التي تصور حالات شاذة نادرة ، لا تنهض بها حجة ولا يبطل بها عرف، ومع أن كثيراً من النصوص التاريخية أو الفقهية التي اقتطفها ناقصة الدلالة غامضة العبارة ، فقد استطاع أن يروج ذلك كله بين الناس بمرور الأيام ، بفضل قوة حزبه الذي كان يسميه (اللورد كرومر) حزب الشيخ(محمد عبده) حتى أصبحت هذه النصوص من بعد ـ على فساد الاستدلال بها ـ هي البضاعة المشتركة لمتابعي دعوته ومطوريها . وذلك كله هو الذي دعا الشاعر شوقي[88] ـ رحمه الله ـ إلى أن يتساءل عن حقيقة صنيع قاسم أمين: أهو غيرة المدافع عن النصوص الإسلامية، أم هو إغارة المحرف لها عن مواضعها ؟. وذلك من قصيدة له ألقاها سنة 1928م ، وعرض فيها للباقته في الاستدلال، وبراعته في الجدال، فقال:
ولك البيان الجزل فيفي مطلبٍ خشنٍ كثيرٍ ما بالكتاب ولا الحديثحتى لنسأل: هل تغار
أثنائه العلم الغزيرفي مزالقه العثورإذا ذكرتهما نكيرعلى العقائد أم تغير؟
وقد نقل أخونا عبد العزيز السالم :
كلمة ألقاها مؤسس المملكة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله تعالى- تضمنت رأيه في وظائف المرأة الأساسية، جاء فيها:
(....وأقبح من ذلك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وترقيتهن ، وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها حتى نبذن وظائفهن الأساسية ، من تدبير المنزل ، وتربية الأطفال ، وتوجيه الناشئة التي هي فلذة أكبادهن وأمل المستقبل إلى ما فيه حب الدين والوطن ومكارم الأخلاق ، ونسوا واجباتهن الخلقية ، من حب العائلة التي عليها قوام الأمم ، وإبدال ذلك بالتهريج والخلاعة ودخولهن في بؤرات الفساد والرذائل ، وادعاء أن ذلك من عمل التقدم والتمدن .
فلا والله ليس هذا التمدن في شرعنا وعرفنا وعاداتنا ، ولا يرضى أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان أو إسلام أو مروءة أن يرى زوجته أو أحداً من عائلته أو من المنتسبين للخير في هذا الموقف المخزي .
هذه طريقة شائكة تدفع بالأمة إلى هوة الدمار ولا يقبل السير عليها إلا رجل خارج من دينه ، خارج من عقله ، خارج من عربيته.
فالعائلة هي الركن الركين في بناء الأمم ، وهي الحصن الحصين الذي يجب على كل ذي شمم أن يدافع عنها .
إننا لا نريد من كلامنا هذا التعسف والتجبر في أمر النساء ، فالدين الإسلامي قد شرع لهن حقوقاً يتمتعن بها لا توجد حتى الآن في قوانين أرقى الأمم المتمدنة .
وإذا اتبعنا تعاليمه كما يجب فلا نجد في تقاليدنا الإسلامية وشرعنا السامي ما يؤخذ علينا ، ولا يمنع من تقدمنا في مضمار الحياة والرقي إذا وجهنا المرأة إلى وظائفها الأساسية ، وهذا ما يعترف به كثير من الأوربيين من أرباب الحصافة والإنصاف .
ولقد اجتمعنا بكثير من هؤلاء الأجانب ، واجتمع بهم كثير ممن نثق بهم من المسلمين . وسمعناهم يشكون مر الشكوى من تفكك الأخلاق وتصدع ركن العائلة في بلادهم من جراء المفاسد . وهم يقدرون لنا تمسكنا بديننا وتقاليدنا ، وما جاء به نبينا من التعاليم العالية التي تقود البشرية إلى طريق الهدى وساحل السلامة ، ويودون من صميم أفئدتهم لو يمكنهم إصلاح حالتهم هذه التي يتشاءمون منها وتنذر ملكهم بالخراب والدمار والحروب الجائرة !
هؤلاء نوابغ كتابهم ومفكريهم قد علموا حق العلم هذه الهوة الساحقة التي أمامهم ، المنقادين لها بحكم الحالة الراهنة ، وهم لا يفتئون في تنبيه شعوبهم بالكتب والنشرات والجرائد على عدم الاندفاع في هذه الطريقة التي يعتقدونها سبب الدمار وسبب الخراب .
إني لأعجب أكبر العجب ممن يدعي النور والعلم وحب الرقي لبلاده من هذه الشبيبة التي ترى بأعينها ، وتلمس بأيديها ما نوهنا به من الخطر الخلقي الحائق بغيرها من الأمم ، ثم لا ترعوي عن ذلك ، وتتبارى في طغيانها ، وتستمر في عمل كل أمر مخالف لتقاليدنا وعاداتنا الإسلامية العربية ، ولا ترجع إلى تعاليم الدين الحنيف الذي جاءنا به نبينا محمد صلى الله وعليه وسلم رحمة وهدى لنا ولسائر البشر.
فالواجب على كل مسلم وعربي فخور بدينه معتز بعربيته أن لا يخالف مبادئه الدينية ، وما أمره الله بالقيام به لتدبير المعاد والمعاش والعمل على كل ما فيه الخير لبلاده ووطنه .
فالرقي الحقيقي هو بصدق العزيمة ، والعلم الصحيح ، والسير على الأخلاق الكريمة ، والانصراف عن الرذيلة ، وكل ما من شأنه أن يمس الدين و العروبة والمروءة ، وليس بالتقليد الأعمى ، وأن يتبع طرائق آبائه وأجداده الذين أتوا بأعاظم الأمور باتباعهم أوامر الشريعة ، التي تحث على عبادة الله وحده ، وإخلاص النية في العمل ، وأن يعرف حق المعرفة معنى ربه ، ومعنى الإسلام وعظمته، ومعنى ما جاء به نبينا ذلك البطل الكريم العظيم صلى الله عليه وسلم من التعاليم القيمة التي تسعد الإنسان في الدارين ، وتعلمه أن العزة لله وللمؤمنين ، وأن يقوم بأود عائلته ويصلح من شأنها ، ويتذوق ثمرة عمله الشريف ، فإذا عمل فقد قام بواجبه وخدمة وطنه وبلاده) .
وأخذاً بأحكام الدين الحنيف واتباعاً لتوجيهات المؤسس أصدر خادم الحرمين- وفقه الله- التعميم التالي:
التعميم الصادر من خادم الحرمين الشريفين ـ وفقه الله لكل خير ـ برقم 2966/م، وتاريخ 19/9/1404هـ ، المتضمن النص على عدم تشغيل المرأة فيما لا يتناسب مع طبيعتها، أو فيما يؤدي إلى الاختلاط، حيث جاء فيه: (صاحب السمو الملكي ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بعد التحية. نشير إلى الأمر التعميمي رقم 11651في 16/5/1403هـ المتضمن أن السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال ـ سواء في الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة أو الخاصة أو الشركات أو المهن أو نحوها ـ أمر غير ممكن، سواء كانت سعودية أو غير سعودية، لأن ذلك محرم شرعاً، ويتنافى مع عادات وتقاليد هذه البلاد ، وإذا كان يوجد دائرة تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تناسب طبيعتها ، أو في أعمال تؤدي إلى اختلاطها بالرجال فهذا خطأ يجب تلافيه ، وعلى الجهات الرقابية ملاحظة ذلك والرفع عنه .
وحيث رفعت لنا بعض الأجهزة الرقابية مفيدة بأنه يوجد العديد من الشركات والمؤسسات - وغالبها من الشركات الأجنبية ـ تقوم بتشغيل المرأة ، وبعض تلك الشركات متعاقدة مع بعض الإدارات الحكومية .
نرغب إليكم إبلاغ المسؤولين لديكم بالتقيد بما يقضي به الأمر التعميمي المشار إليه وإبلاغه للجهات المختصة ، والشركات المتعاقدة معكم للتقيد بموجبه ، وملاحظة ذلك بكل دقة.
وقد زودنا جميع الجهات الحكومية بنسخة منه للاعتماد وإبلاغ الجهات المختصة بها، والشركات والمؤسسات المتعاقدة بالتقيد به ، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تشغيل المرأة ، خلافاً لما تضمنه الأمر المشار إليه ، وتصحيح ما هو موجود من ذلك بما يتفق معه فأكملوا ما يلزم بموجبه) .

وقبل الختـام
اسطوانة (وفق الشريعة الإسلامية)
لا يمل العلمانيون والإباحيون ودعاة التغريب من اجترار تلك العبارة الماكرة التي مجتها الآذان وسئمتها النفوس ، فما أكثر ما يردد هؤلاء الحاقدون على أمتهم ، الشانئون لدين الله عبارة : نطالب بكذا وفق الشريعة الإسلامية ، أو نريد كذا بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية ، أو لا بد من إيجاد كذا بما يتمشى مع الشريعة الإسلامية ، فيطالبون أن تعمل المرأة في وسط مختلط وفق الشريعة الإسلامية !.
ويطالبون أن تصادق الفتاة الشاب وفق الشريعة الإسلامية ... !!
ولابأس أن تسافر المرأة بلا محرم .... !!
ولا مانع أن تلعب كرة القدم وتحترف الكاراتيه....!!
ولا ضرر أن تغني وترقص وتعزف وتمثل وتصور .... !!
ولا حرج أن تقود السيارة وتعمل شرطية وتلبس بنطالاً .... !!
ولا خوف أن تمتهن السباكة والحدادة والكهرباء .....!!
ولا أستبعد أن يقترب يوم يطالب هؤلاء بكل وقاحة وفجور أن تتعاطى المرأة الزنا ،وتشرب الخمر وفق الشريعة الإسلامية!!
وما المانع من ذلك إذا كان أخس زنديق علماني قادراً على أن يلعب دور المفتي وإمام المذهب ، بجرة قلم حيث لا رقيب ولا حسيب .



خاتمة
وختاماً فهذه دراسة شرعية مختصرة ، حاولت من خلالها تأصيل هذه القضية المهمة ، وهي عمـل المرأة وبيان الحق من الباطل على ضوء الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح ، وإبراز الدور الآثم الذي يقوم به العلمانيون والإباحيون لإخراج المرأة وتوريطها في دهاليز الأعمال المختلطة المشينة ، وأظن أنّ الموضوع بحاجة إلى مزيدٍ من العناية والاهتمام ليحي من حيّ عن بينة ويهلك من هلك عن بينة ، وفيما يلي سرد لأهم نتائج البحث وتوصياته :
النتائـج :
1/ الإسلام هو الدين الذي أكرم المرأة وأعاد لها كرامتها وإنسانيتها ، واستنقذها من استعباد الجاهلية في مراحل مختلفة .
2/ أنّ الإسلام ساوى بين المرأة والرجل في التكاليف والواجبات إلاّ ما اقتضته طبيعة الخلاف الفطري والنفسي بين الجنسين .
3/ أنّ البيت هو المكان الأصلي والملاذ الآمن للمرأة ، كما أن عملها في البيت هو الأصل لا العمل بالخارج .
4/ أنّ المرأة في غنى عن الخروج للعمل ، لأنّ الشارع أوجب النفقة عليها من قبل أبيها ثم زوجها أو من قبل ولي الأمر.
5/ أنّ خروجها للعمل عند الحاجة أو الضرورة لا بد له من شروط وضوابط .
6/ أنّ خروج المرأة للعمل قد ترتب عليه مفاسد عظيمة في البلدان كافة ، وأنّ شهادات الغربيين أنفسهم من آكد الحجج والبراهين .
7/ أنّ أبرز الداعين لعمل المرأة هم العلمانيون الخونة الجبناء ، رغبة في تسهيل الاتصال المحرم وقضاء الوطر الحرام .
8/ أن دعاوى ومبررات العلمانيين لخروج المرأة دعاوى متهافتة وحجج باطلة .
التوصيات
1- التوكيد على ضرورة بقاء المرأة عاملة في بيتها , لما لها من الدور الفاعل في تربية أولادها وتوجيههم , والقيام بواجبات المنزل وحقوق الزوجية.
2- التوكيد على ضرورة قيام الأولياء والأزواج بحق النفقة على نسائهم حتى لا يضطررن للخروج إلى العمل , كما لا بد من ضمان قيام الدولة المسلمة بأعباء النفقة على المرأة حين فقد العائل .
3- ضرورة إسكات تلك الأصوات النشاز الداعية إلى تبذل النساء ، وتهتكهن ومزاحمتهن الرجل في الوظائف ودور العمل .
4- ضرورة التوعية الإعلامية بمخاطر خروج المرأة للعمل ، والاعتبار بما جرى للأمم الغربية وغيرها من الانهيار الأخلاقي الأسري.
5- ضرورة توعية المجتمع بأهمية الدور الذي تلعبه المرأة في بيتها ومملكتها الصغيرة ، وبيان مدى حاجة المجتمع إليه

([1]) البخاري مع الفتح ، كتاب النكاح ، باب من قال لا نكاح إلا بولي (5127) . ينظر في ظلم المرأة قبل الإسلام من صحيح مسلم 857, 863
([2]) تفسير ابن كثير
([3]) البخاري (4579) .
[4] أخرجه أحمد (27110) ورواه بن جرير من طرق 12/10 ط دار الفكر.
([5]) البخاري (893)
([6] ) البخاري (5136)، مسلم (1419)
([7] ) البخاري (5138)
([8]) البخاري (5151) , مسلم (1418) .
([9]) البخاري (5186) , مسلم (1468) .
([10]) مسلم (1437) وقد تكلم الألباني على هذا الحديث، انظر تعليقه على المنذري.
[11]ابن كثير ، (2) زاد المسير لابن الجوزي 6/379
[12] الحراسة ص74
[13] أبو داود, (570)، قال بن كثير: وهذا إسناد جيد (ابن كثير6/406)
([14]) البخاري (900), مسلم (442)
([15]) البخاري (372), مسلم (645) واللفظ للبخاري
([16]) البخاري (974)، مسلم (890)
[17]) البخاري (870) روى البخاري وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها أن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال .
([18]) الحراسة 86
([19]) البخاري (1466) , مسلم (1000) واللفظ لمسلم
([20]) البخاري (3991) , مسلم (1484)
([21]) البخاري (5273) , النسائي (3463)
[22]) البخاري (101)
[23] ) البخاري (4750)
[24] ) أحمد (27363)
[25] ) مسلم (1340)
([26] ) البخاري (1088) , مسلم (1339) ولفظ البخاري .. مسيرة يوم وليلة
([27] ) المغني5/30
([28] ) المغني5/31
([29] ) البخاري (3006) , مسلم (1341)
[30] ) البخاري (5232) مسلم (2172)
[31] الفتح9/332
([32] ) أبو داود (2085) , الترمذي (1101) , ابن ماجه (1880) , ابن حبان (4075) , الحاكم (2710)
[33] أخرجه البخاري في النكاح(5130)
[34] الفتح9/187 وانظر مشكورا الفتح 9/331
([35] ) 9/40
([36] ) 9/41
[37] ابن كثير 6/405
[38] المغني2/68
[39] رواه أحمد رقم ( 5/332 ) .
([40] ) البخاري (1520)
[41] أخرجه ابن حبان في صحيحه (3178)
[42] البخاري (900) , مسلم (442)
[43] مسلم (443)
[44] مسلم (440)
([45] ) البخاري (7214) مسلم (1866)
([46] ) ابن ماجه (2874)
([47] ) الطبراني وانظر السلسلة الصحيحة (226)
[48] المرأة المسلمة المعاصرة ص422
([49] ) ابن كثير 6/53 . ابن حبان 1969
([50] ) البخاري (5237) مسلم (2170)
[51] ) البخاري (1418) مسلم ( 2629)
[52] المغني 11/373
([53] ) البخاري (5364) مسلم (1714)
[54] ) مسلم ( ) أبو داود (3957) النسائي (4653)
([55] ) شرح السنة 9/115
[56] تقدم تخريجه ص
[57] تقدم تخريجه
([58] ) الدارمي (2649)
([59] ) مسلم (1597)
([60] ) البخاري (4886) مسلم (2125)
([61] ) البخاري (5885)
[62] أخرجه البخاري (4425)
[63] فتح الباري7/735
[64] الأحكام ص65
[65] أحكام القرآن3/1444
[66] الغياثي للجويني بواسطة حكم تولي المراة الإمامة للأمين الحاج ص56
([67] ) البخاري (2731،2732)
([68] ) تقدم تخريجه
[69] نقلها عنه د.محمد علي البار نقلاً عن مجلة المجتمع الكويتية في عددها المنشور بتاريخ27/5/1399هـ الموافق24/4/1979م
[70] ) مسلم (2741)
[71] ) مسلم (2742)
([72] ) الاختلاط: تبرج الجاهلية الأولى ابن كثير 6/406 كلام مجاهد وغيره
[73] ( حراسة الفضيلة 82 )
[74] ) موقع أرابيا على الإنترنت
[75] ) عام 1421هـ
[76] ) الأسرة عدد 98جمادى الأولى 1422هـ
[77] رواه مسلم (1619)
[78] ) البخاري (3700) وانظر عبد الرب نواب ص 161-162
[79] ) حقيقة الولاء والبراء ، سيد عبدالغني ص422 .
[80] )البيولوجيا: علم الأحياء
[81] )عبد التواب ص178
[82] )عمل المرأة في الميزان محمد البار ص88
[83] ) الشبكة الإسلامية islamwel.net
([84] ) انظر : سقوط الحضارة الغربية لأحمد منصور ص69

[85] ) تحرير المرأة ، عبدالله التليدي ، ص 142- 143.
[86] ) مجموعة رسائل في الحجاب والسفور .

[87] )نفس المصدر
[88] ) أحمد شوقي : شاعر متمكن ، لكن عليه كثيراً من المآخذ الشرعية ، وانظر في هذا ما كتبه الشيخ / عبدالكريم الحميد _ وفقه الله _ في كتابه الكافي في التحذير من مضلات القوافي .